أغصان الكرمة

الكنيسة المحليّة والعلاقات الناضجة

أغصان الكرمة                                         العدد (1)                                                     يوليو 2020

رأيتُ خلال خدمتي كيف أنَّ قوة العلاقات داخل الكنيسة تقودها للنجاحِ والامتدادِ والتأثيرِ، بينما الصراع وعدم النضوج يستنزفها، ويجعلها تخسر الرسالة والتأثير. وقد مرت كنيسة تسالونيكي بأزمات صعبة “خارجيَّة” تتمثل في آلام وضغوط واضطهاد، و”داخليَّة” تتمثل في فهم خاطئ لبعض التعاليم الخاصة بالمجئ الثاني. لكننا في النهاية أمام كنيسة مُتميزة صارت قدوة لكثيرين. وهنا يضع بولس ملامح لعلاقات ناضجة.

* أولًا: علاقة ناضجة نحو القادة والرُعاة.

* ثانيًا: علاقة ناضجة نحو بعضنا البعض.

* ثالثًا: علاقة ناضجة نحو الله.

* أولًا: علاقة ناضجة نحو القادة والرعاة: (ع 12-13)

  لقد عين الله قادة في الكنيسة المحليَّة، ومِن الواضح أنه لم يكن هناك احترام من البعض لهذه القيادات؛ لذا شجع بولس أعضاء الكنيسة أن يتعاملوا مع الرُعاة والقادة بالآتي:

1) الاحترام: علينا دور كأعضاء للكنيسة أن نحترم قياداتنا الكنسيّة، فلا نُقلل من شأنهم، وأيضًا لا نُضَخِم فيهم؛ فهذه القيادات هي عطيَّة الله للكنيسة، ومن اللائق أن نحترمهم بسبب مسئولياتهم الجسيمة.

2) التقدير: “وأن تعتبروهم كثيرًا جدًا في المحبَّة مِن أجل عملهم”، عندما نتخذ هذه المواقف نحوهم تكون النتيجة هي السلام والانسجام في الكنيسة “سَالموا بَعضَكُم بَعضًا”.  وهنا يأتي السؤال: لماذا يجب أن نعاملهم بهذه الطريقة؟ الحقيقة نحن أمام نوعيّة مُتميزة من القيادات وصفهم بولس بثلاث عبارات:

أ‌-  الذين يتعبون بينكم: إنَّ كلمة يتعبون تعني “يُصارع، أو يُجاهد، أو يَكِدّ”. والعمل الرعويّ مُجهد ومُتعب، وليس سَهلًا على الإطلاق؛ فهو ليس خدمة يوم الأحد، بل هو عمل متكامل يشمل مجالات كثيرة، من الزيارة والمشورة والإدارة وغيرها:

ب‌- الذين يدبرونكم: وهي تعني الذين “أقامهم الرّبُّ عليكم”، الذين قبلوا موضع المسئولية الأولى؛ لذا نجاح الرعاية يتطلب حُبًا واتضاعًا مع سُلطةٍ وحَسمٍ، حتى تتحقق الأهداف.

ج‌- الذين ينذرونكم: الراعي هو من يُصحح ويُقَوٍّمُ، فالإنذار والتعليّم مِن مسئوليات الرعاية.  وأُحِبُّ أن أقول هُنا أنَّ هُناكَ دورٌ للكنيسةِ نحو القادة، ومسئوليةٌ للقادةِ نحو الكنيسة.

* ثانيًا: علاقة ناضجة نحو بعضنا البعض: (ع 14-15)

  لا يستطيع القادة والرعاة العمل بمفردهم للقيام بالخدمة، لذا على أعضاء الكنيسة أن يتعلموا خدمة بعضهم البعض؛ ولقد وضع الرسول بولس ثلاث فئات بحاجةٍ للرعاية والاهتمام في الكنيسة، وهم:

أ‌- الذين بلا ترتيب: وهي كلمة تعني الإهمال وتصف الجندي الذي يخرج عن النظام والذي يترك عمله. في كنائسنا ستجد هذه النوعيَّة التي لا تريد الخضوع لأي نظامٍ والتي تحتاج ” للإنذار”.

ب‌- صغار النفوس: وهُم ضِعاف القلوب الذين يستسلمون أمام الظروفِ وينسحبون؛ هؤلاء يحتاجون إلى التشجيع أي، الاقتراب منهم والتحدث إليهم برفقٍ فهم لا يحتاجون إلى تعنيفٍ أو تأنيبٍ.

ج‌- الضعفاء: الذين لا يستطيعون ضَبط النفس في حياتهم الأخلاقيَّة، هؤلاء يحتاجون إلى المُساندة، أي “لا تتركوهم يسقطون”؛ لذا ختم هذه الفترة “تأنوا على الجميع”.

  إنَّ كل هذه الفئات تحتاج الصبر، وطول الأناة. فالضعيف اليوم يتحول غدًا إلى قائدٍ مُتميز. “لا تجازوا أحدًا عَن شَرٍّ بِشَرٍّ”، فلا مجال للانتقام الشخصيّ بين أعضاء الكنيسة، بل علينا أن نُقدم أفضل ما لدينا للجميع.

* ثالثًا: علاقة ناضجة نحو الله: (ع 16-28)

  في هذا الجزء يتحدث الرسول بولس، عن أهميَّة العبادة الجماعيّة، لا الفَردِيَّة، ويضع عناصرًا هامةً للعبَادةِ الجمهوريَّة، وهي:

أ‌- افرحوا كل حين: العبادة الحيَّة يحب أن تكونَ عِبادة مُفرِحَة، عِبادة تتميز بالاحتفال؛ فالله يستحق أن نعبده بفرحٍ لسبب كل ما قدمه لنا.

ب‌- صلوا بلا انقطاع: لقد كانت الصلاة جُزءًا هامًا في حياة الكنيسة الأولى، فقد كانت الصلاة أسلوب حياة “بلا انقطاع” وليست مَوسميَّة؛ فالله يشتاق إلى شركتنا وتواصلنا معه.

ج‌- اشكروا في كل شيء: يُعتبر الشكر عنصرًا هامًا في العبادة؛ فالشُكر هو تعبير عن امتنانا للرب مِن أجل كل بركاته. والشكر برغم كل شيء.

د‌- كلمة الله: “لا تحتقروا  النبوات”  إنَّ العبادة التي تتجاهل كلمة الله ليست عبادة، ولا يجب أن يغيب الحق وسط الانفعالات والعواطف. لدينا إعلان كامل مِن الله في كلمته واليوم لا نحتاج إلى أنبياءٍ، بل أن ننتبه للتعليم الصحيح؛ لذا “امتحنوا كل شيء وتمسكوا بالحسن”.

* هدف العبادة أن: (ع 22-24)

1) نتغير ونشبه المسيح: عَرَّفَ وليم تميل العِبَادة بأنها: “أن تعبد، أي أن يستيقظ الضمير بواسطة قداسة الله، وأن يتغذى الفكر بواسطة حق الله، وأن يتطهر الفكر بواسطة جمال الله، وأن ينفتح القلب إلى محبَّة الله، وأن تُكرَّس الإرادة لقصد الله.”.  لقد صلي بولس لاجل قداستهم وحمايتهم.

 2) الشركة: لقد اعتاد المسيحيون بعد نهاية العبادة أن يقبلوا بعضهم بقبلة مُقدَّسة، وقد تكون عادة التقبيل اليوم غير مُريحه، لكن المضمون يعني سلموا علي بعضكم بحرارة، وبيد صادقة.

3) العبادة تحتاج لقوة الروح القدس: لا تطفئوا الروح. لقد شبَّه بولس الروح القدس بالنار، والنار وظيفتها التنقيَّة والإضاءة، وهذا عمل الروح القدس في حياتنا لقد قال بولس لتيموثاوس “اضرم موهبة الله”، أي حرِّك النار حتي تتوهج من جديد، لذا دعونا نسمح للروح القدس أن يعمل فينا وبنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى