الخطية
الخطية هي كل فشل في التقيد بناموس الله الأخلاقي سواء أكان بالعمل، أو بالسلوك، أو بالطبيعة.
الخطية هي أي فكرة، أو كلمة، أو فعل، أو إهمال لواجب، أو شهوة تتعارض مع وصايا الله وطبيعته. وبعبارة أخرى، الله هو المقياس في تقرير ما هو "خطية". فإن كنا نتصرّف بحسب وصايا الله وطبيعته فهذا هو الصلاح، وإن كنا نتصرّف ضدّ وصايا الله وطبيعته فذلك "خطية". وبقدر ما يتقرّب الإنسان من الله، فإنه يعرف الله أكثر ويكون على دراية أكثر بخطاياه.
فإن تعريف الخطية هنا هو بالعلاقة مع الله وناموسه الأخلاقي. فالخطية لا تتضمن الأعمال الفردية كالسرقة أو الكذب أو القتل وحسب بل وأيضًا السلوك المضاد للسلوك الذى يطلبه الله منا.
فالخطية حقيقة لا تُنكَر، يقرُّ بها تاريخ البشر، لأن جميعهم، حتى الذين ليس لهم نور الوحي يشعرون بخطاياهم ويعترفون بنقصهم وعجزهم عن القيام بما كُلِّفوا به أخلاقياً، وأن الله غير راضٍ عنهم، وأنهم عديمو الصلاح أمام الشريعة الإلهية.
ويعرف الكتاب المقدس الخطية بأنها هي التعدى. فنحن ندرك من الخبرة أن الخطية مؤذية لحياتنا، وأنها تعود بالألم والتبعات المهلكة علينا وليس فقط علينا ولكن يمتد تأثيرها للأخرين المحيطين بنا.
فالخطية نقيض مباشر لكل ماهو صالح في شخصية الله، إنها تناقض قداسته فينبغي أن يكرهها.
فالمؤمن الحقيقي الذي فداه المسيح من سلطة الخطية يعرف شدة فعل الخطية في البشر، لأن الشريعة تفعل فيه فعل المؤدِّب لتأتي به إلى المسيح، وذلك يعلِّمه سواد الخطية ولزوم التخلُّص من عبوديتها ما لا يتعلمه الخاطئ الذي لم تؤدبه شريعة الله.
فإن النعمة ترشد المؤمن ليعرف حقيقة الخطية، ويوضِّح له اختباره نجاسة قلبه وشدة ميله إلى الشر، ويعرّفه بسطوة إله هذا الدهر الغريبة عليه، فيصير أكثر شعوراً من غيره بأنه يحتاج لمعونة النعمة الإلهية ولدم الكفارة ولتجديد الروح القدس، ويصير أشد تسليماً بلزوم طريقة الفداء التي عيَّنها الله لإنارته وتجديده وتقديسه وخلاصه من لعنة الخطية وتسلطها عليه. وينسب المؤمن كل ذلك لنعمة الله المنقذة فقط.
من أين أتت الخطية؟ كيف دخلت إلى الكون؟
الخطية موجودة في عالم الملائكة مع سقوط إبليس وجنوده، حتى قبل عصيان آدم وحواء.
فأولى الخطايا التي اقترفها آدم وحواءفي جنة عدن(تك3: 1-19). فأكلهما من ثمر شجرة معرفة الخير والشر هو من مختلف النواحي نموذج للخطية عمومًا.
فعندما امتُحِن آدم في جنة عدن كانت له القُوى اللازمة والقدرة الكاملة على اختيار الخير أو الشر، وإلا لما صحّ امتحانه، فلا يجوز أن يُكلَّف الإنسان بما فوق قدرته الطبيعية. وقد تم امتحان البشر بالنيابة في آدم، وقت أن كان آدم في أفضل الأحوال. ولما سقط آدم فقد هو ونسله من بعده القدرة على القيام بمطالب الله الروحية.
فضربت خطيئتهما قاعدة المعرفة، إذ أعطت جوابًا مختلفًا لسؤال: ماهو الصدق؟ فبينما قال الله إن آدم وحواء سيموتان إن آكلا من الشجرة( تك2: 17)، وقالت الحية "لن تموتا" (تك3: 4). وقررت حواء أن ترتاب في صدق كلام الله وأن تمضي في اختبار ما إذا كان الله قد قال الحقيقية أم لا.
وثانيًا، ضربت خطيتهما قاعدة المقاييس الأخلاقية إذ أعطت جوابًا مختلفًا لسؤال: ماهو هو الصحيح؟ فقد قال الله إن الصحيح أخلاقيًا لآدم وحواء أن لا يأكلا من ثمر تلك الشجرة(تك2: 17). لكن الحية أوحت بأن الصحيح هو أكل الثمروأن آدم وحواء بأكلهما منها، سيصيران مثل الله. لقد وثقت حواء بتقويهما الشخصي لما هو صحيح وما يصلح لها بدلاً من أن تسمح لكلمات الله بأن تحدد الصحيح من الخطأ." فرأت أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت" تك3: 6"
وثالثًا،أعطت خطيتهما جوابًا مختلفًا للسؤال: من أنا؟ فالجواب الصحيح كان آدم وحواء من مخلوقات الله، ومعتمدين عليه وتابعين له كخالق وكرب. ولكن حواء، وآدم بعدها استسلما لإغواء أن "يكونا كالله" (تك3: 5)، محاولين أن يضعا أنفسهما موضع الله.
ولا يزال البشر مسؤولين عما كلَّفهم الخالق به، لأن عجز الخاطئ عن إتمام مطالب الخالق لا يرجع لفقدان قواه الروحية، ولا لوجود موانع خارج ذاته، بل لأنه لا يريد أن يطيع الخالق. فهو لا يقدر لأنه لا يريد، كما أنه لا يقدر أن يريد من ذاته.
مفردات تعرّف بالخطية
استخدم الكتاب المقدّس عدة مفردات لتعريف بالخطية
الكلمة الأولى هي التعدّي: أى التعدي على ناموس الله، وفعل ما لا يجب أن يفعله (مزمور 1:51؛ ولوقا 20:15).
الكلمة الثانية هي الإثم: أي ليس فقط أن نعصى كلام الله بل أن نتحدّاه بأفعال تغيظه (إشعياء 5:53-6؛ أمثال 8:22).
الكلمة الثالثة هي عدم الإيمان: إن عدم الإيمان يجعل الإنسان يرفض وصايا الله. فعندما يقول الله: "النفس التي تخطئ هي تموت" (حزقيال 4:18)، ثم يقول الإنسان: "أنا لا أؤمن بأنني إن أخطأت سأموت"، فإن ذلك الإنسان يرتكب خطية عدم الإيمان (يوحنا 9:16)، ويرفض كلام الله.
الكلمة الرابعة هي الخطية: الخطية تعني "أن يخطئ الإنسان الهدف"، والهدف هو قداسة الله. قال الرسول بولس: "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رومية 23:3). إذاً، عندما نخطئ الهدف فإننا لا نصل إلى مقياس قداسة الله.