قضايا لاهوتية

ماهى الصيغ المختلفة لكلمة الله

اولا: كلمة الله “كشخص يسوع المسيح”

في بداية إنجيل يوحنا نقرأ ما يلي: ” فى البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله” (يو1: 1).

يشير الكتاب المقدس إلى ابن الله بصفته كلمة الله. ففي رؤ 19: 13، يرى يوحنا فى السماء الرب يسوع المقام، ثم يصرح قائلاً: ” ويدعى اسمه كلمة الله”.

يتحدث يوحنا عن ابن الله في الآية 14: ” والكلمة صار جسدًا وحل بيننا، ورأينا مجده مجدًا، كما لوحيد من الآب، مملوءًا نعمة وحقًا.” هاتان الآيتان تشيران إلى ابن الله بصفته ” الكلمة” أو ” كلمة الله”.

فإنّ يسوع المسيح “الابن الوحيد” هو “صورة الله غير المنظور، لا يمكننا أن نعرف الله إلاّ من خلال يسوع المسيح، فهو “الكلمة” الأبديّ وأفضل مَن يعبّر عن شخص الله

(عبرانيّين1: 1-3).

فأن ابن الله بشكل خاص بين أقانيم الثالوث، هو الذى يقوم في شخصه أو في كلماته بتوصيل شخصية الله لنا، بالتعبير عن إرادته من نحونا.

فإنّ التّجسّد الإلهيّ هو أساس العقيدة المسيحيّة وجوهرها. ويمكننا أن نعرف الله من خلال المسيح وحده، الّذي أنار لنا معرفة مجد الله في وجهه (2كورنثوس4: 6).

ثانيًا: كلمة الله  “ككلام صادر عن الله”.

  • الأحكام الإلهية.

الحكم الإلهي هو كلمة صادرة عن الله وتتسبب في حدوث شىء ما. فهي الكلمات الخلاقة والمقتدرة.

وهذه الأحكام الإلهية لا تتعلق بالأحداث التى رافقت عملية الخلق فقط، بل تتضمن استمرارية كل شىء في الوجود.   عب1: 3 عن  ” حامل كل الأشياء بكلمة قدرته”.

 

و تظهر كلمة قدرة الله في الخلق   ” وقال الله ليكن نور، فكان نور” (تك 1: 3). كذلك وقال الله: لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها: بهائم، ودبابات، ووحوش أرض كأجناسها. وكان كذلك” (تك 1: 24). فبكلمة الرب صنعت السماوات، وبنسمة فيه كل جنودها” (مز33: 6).

  • كلمات الله الموجهة مباشرة إلى أشخاص معينين. ففي بداية الخلق نجد الله يتكلم إلى آدم : ” واوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت” ( تك 2: 16، 17). وحتى بعد أن أخطأ آدم وحواء، نجد الله يتكلم ايضًا ( تك 3: 16-19).

و في إعطاء الوصايا العشر نرى مخاطبة الله الناس على الأرض بشكل مباشر: ” أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهه أخرى أمامى” (خر20: 1-3). وفي العهد الجديد ايضًا، تكلم الله الآب خلال معمودية يسوع بصوت من السماء قائلاً: ” هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” ( مت3: 17).

فحين كان يتحدث الله بشكل شخصي مع بعض الأفراد، كان السامعون يعرفون بكل وضوح أنها كلمات الله الفعلية: كانوا يسمعون صوت الله نفسه، وبالتالي كانوا يُصغون إلى كلمات موثوقة جدًا لها سلطان إلهي مطلق.

 

  • كلمة الله منطوقة بشفاه بشرية. في الكتاب المقدس نجد أن الله يتكلم من خلال أنبياء. في تث18، يقول الله لموسى: ” أقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامى في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأسمى أنا اطالبه. وأما النبي الذي يُطغي، فيتكلم باسمي كلامًا لم أوصه أن يتكلم به، أو الذى يتكلم باسم آلهة أخرى، فيموت ذلك النبي” (تث 18: 18-20).

ولقد وجه الله كلامًا مماثلا إلى إرميا: ” ومد الرب يده ولمس فمي، وقال الرب لي: ها قد جعلت كلامي في فمك” (إر1:9). قال الله ايضًا لأرميا: ” وتتكلم بكل ما آمرك به” (إر 1: 7).

وهكذا نجد أن كلمات الله المنطوقة بشفه بشرية اعتبرت من حيث مصداقيتها وسلطانها بنفس قوة كلماته التي خاطب بها اناسًا معينين.

  • كلمات الله بالصيغة المكتوبة( الكتاب المقدس). يحتوي الكتاب المقدس على كلمات الله بالصيغة المكتوبة إضافة إلى أحكامه وإلى كلماته الموجهة إلى جهات معينة أو المنطوقة بشفاه بشرية. يطالعنا أول مثال على ذلك في السرد المتعلق بأعطاء الوصايا العشر التي كتبت على لوحي الحجر: ” ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة: لوحي حجر مكتوبين بإصبع الله، والكتابة كتابة الله منقوشة على اللوحين ” ( خر32: 16، 34: 1).

هناك المزيد من الكتابة التي قام بها موسى: ” وكتب موسى هذه التوراه وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب، ولجميع شيوخ اسرائيل. وأمرهم موسى قائلاً: في نهاية السبع سنين …تقرأ هذه التوراة أمام كل إسرائيل في مسامعهم… لكي يسمعوا ويتعلموا أن يتقوا الرب إلهكم ويحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة. وأولادهم الذين لم يعرفوا، يسمعون ويتعلمون أن يتقوا الرب إلهكم …” تث 31: 9-13).

إن هذا السفر الذي كتبه موسي جرى إيداعه بعد ذلك إلى جانب تابوت العهد: ” فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب إلى تمامها، أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلاً: خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم، ليكون هناك شاهدًا عليكم” (تث 31: 24-26).

ثم تم إدخال المزيد من الإضافات إلى كتاب كلمات الله هذا: ” وكتب يشوع هذا الكلام في سفر شريعة الله” ( يشوع 24: 26). كذلك أمر الله إشعياء : ” تعال الآن اكتب هذا عندهم على لوح، وارسمه في سفر، ليكون لزمن آت للأبد إلى الدهور”. (إش30:8).   وإلى إرميا كان كلام الله: ” اكتب كل الكلام الذي تكلمت به إليك في سفر” إر30: 2.

 

ثالثًا: محور دراستنا: الصيغة المكتوبة

من بين الصيغ المختلفة التي تظهر فيها كلمة الله تبقى الصيغة المكتوبة، الكتاب المقدس، إنه الشكل الذي فيه تتوافر كلمة الله لأغراض الدراسة والتفحص العام والتنقيب المتكرر في مضمونها وكأساس للتداول حولها. إنها تخبرنا عن كلمة الله المتجسد.

من المفيد جدًا لنا أن ندرس كلام الله كما هو مدون في الكتاب المقدس. إنها كلمة الله المكتوبة التي يأمرنا بضرورة دراستها. يش1: 8

” لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهارًا وليلاً، لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه. لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى