تاريخ الكنيسة الإنجيلية

تاريخ الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر في الحقبة الزمنية من عام 1880م إلى عام 1900م

https://www.youtube.com/watch?v=EhWoRgTxbCo

الأحداث الرئيسية وتشمل الآتي:

السياق التاريخيّ والثقافيّ والاجتماعيّ والسياسيّ والاقتصاديّ

السياق السياسيّ

بعد عقدين من الغزو البريطاني لمصر عام 1882 ازداد التدخل الأجنبي الاقتصادي والسياسي، واقترض الخديوي اسماعيل من البنوك الأوربية بغرض تحديث مصر وبين 1882-1918 شعر المرسلون بوجود حركة دينية، إلا أن التحول للمسيحية كان نادر الحدوث حيث سجل أندرو وطسن أن الاعداد التي كانت تأتى من الكنيسة القبطية في الصعيد. فطبقًا لتعداد الحكومة عام 1907 كانت مدن مثل أبو تيج وملوى وهور والنخيلة قد شهدت نموًا ملحوظًا لعدد الإنجيليين. وشهدت قرية قلندول  مثلاًنمواً مؤثرًا ففي عام 1907، كان هناك حوالي 453 بروتستانتيًا مقابل 853 ارثوذكسي من تعداد القرية الكلي وهو 3906. 

ساعد تأثر المُثقفين فى مصر بتحولات عصر النهضة، على اتساع المجتمع وخصوصًا الطبقة الوسطى المُثقفة لقبول أفكار وتوجهات الفكر المُصلَح، والتعاون مع الكيان الكنسيّ فى بناء مجتمع منفتح، مُتكاتف، يحترم تمايز السلوكيات الإنجيليّة سواء فى مفردات الكلام (دون قَسَمٍ) أو في أسلوب التعامل (الصدق والأمانة) أو في احترام المباديء المُتفق عليها فى الوسط الإنجيليّ (مثل تكريس العشور، وحفظ يوم الرب).

كان مَبعوثوا محمد علي إلى فرنسا هُم الذين مهدوا الطريق لفتح مدارس تساير المناهج الغربيّة، فبدأت أول مدرسة فى الإسكندرية؛ وهنا فكر المُرسلون فى افتتاح المزيد من المدارس.

أُلغيَت الجِزيَّة المفروضة على الأقپاط، وبهذا أزيلت آخر العقبات في المساواة بين المسلمين والأقباط.

في عام 1855م، بدأت مسيرة الأقباط في المشاركة الوطنيّة؛ وفي ضوء ذلك القرار، رأى سعيد پاشا ضرورة قبول الاقباط في الجيش وتطبيق قانون الخدمة العسكريّة وتعيين حاكم قپطي للسودان بهدف الاعتماد على الكفاءات.

قطع الخديوي اسماعيل مع الأقپاط خطوات ثابتة فى مسيرة المشاركة الوطنية، ويمثل عام 1866م نقطة انطلاقٍ فى مسيرة الحركة الوطنيّة المصريّة نحو الحياة النيابيّة فى مصر؛ فتكوَّن مجلس شورى النواب الأول من خمسة وسبعين عضوًا، بينهم ثلاثة أعضاء من المسيحيين، ومجلس شورى النواب الثاني 1870م من خمسة وسبعين عضوًا -أيضًا- من بينهم إثنين من المسيحيين، ويهوديّ 1876م إختير ثلاثة أعضاء من المسيحيين.

في عهد الخديوي اسماعيل (1863- 1879) واجه عمل الإرساليّة الأمريكيّة مقاومة أكثر مما حدث في عهد سعيد پاشا. فلقد بدأ الحكام المحليون في الصعيد بدعم من الحكومة المركزيّة في القاهرة، في رفض منح تراخيص بناء الكنائس للإنجليين.

عام 1879م، تم تشكيل الحزب الوطنيّ الأهليّ برئاسة أحمد عُرابي، ووضع البرنامج كل من الإمام محمد عبده ولويس صابونجيّ. وتقديرًا من الزعيم أحمد عُرابي لوطنيّة الأقپاط، طلب من الخديوي توفيق منح رتبة الباشاويّة للأقپاط؛ وبناءً عليه منح الخديوي رتبة الباشاوّية لبطرس غالي عام 1880م.

السياق الاجتماعيّ

اعتبرت الكنيسة العبوديّة كتمييز، شرًا وظلمًا لا يمكن التماهي معه؛ فتم تحريم شراء العبيد والإماء، ونظرًا لتعذر إعادتهم لأسرهم، أصبحت الكنيسة هي المسؤلة عن تربيتهم وتعليمهم، وعلى سادتهم يقع التأديب لمخالفتهم قرار الكنيسة؛ وقد كان أول من آمن بالرّب آنذاك -بعد أن قادت الكنيسة الإنجيليّة تلك الحركة عام 1866م– كان عبدًا مُحرَرًا.

اتسعت خدمة الاهتمام بالمرأة وتدريبها على كافة المستويات، التي بدأتها زوجات المُرسلين بصورة ضخمة، إلى الحد الذى تطلَّب الأمر معه وجود مُرسلات متخصصات لهذه الخدمة.

نما عدد المُرسلات حتى وصل إلى تسع نساء خادمات عام 1895م. واُطلق عليهن “نساء الكتاب المقدّس”.

اُنشيء فصلًا للتعليم اللاهوتيّ، وانقسم إلى تدريبٍ نظريٍّ في الصف، وعمَليٍّ في حقول الخدمة.

تأسست كليات للبنات في القاهرة وأسيوط، لتدريب المدرسات للعمل في مدارس الإرساليّة.

السياق الدينيّ

في تلك الفترة، نما وجود الكنيسة المشيخيّة، واتسع العمل الأنجيليّ فى مصر، وظهر تأثيره على المجتمع المصريّ في مختلف النواحي السياسيّة والاجتماعيّة.

كما زاد أيضًا امتداد خدمة الكنيسة المشيخية المصريّة بين الأقطار العربيّة، سواء بتدريب قيادات من تلك البلاد، أو بإرسال قساوسة للعمل هناك؛ كما صار للكنيسة خُدَّامًا فى بلاد المهجر فى الغرب.

ظهر التأكيد على العلاقات المسكونيّة، داخليًا بمشاركة مجلس كنائس الشرق الأوسط، والكنائس الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة بمصر، وقيادات الدولة وممثلي الأزهر ووزارة الأوقاف؛ وخارجيًا شارك عدد من الكنائس الغربيّة مثل: الكنيسة المشيخيّة بأمريكا، وكنيسة اسكتلندا، وغيرهما.

اهتمت الكنيسة بدراسة الإسلام، وكانت في أغلب -تلك الدراسات- موضوعيّة، وفي بعضٍ منها جَدَليّة؛ كما شاركت فى برامج للحوارات المسيحيّة-الإسلاميّة في مواقع مختلفة في الداخل والخارج.

ظهر التيار الكاريزماتىّ كنتاج للضغوط النفسيّة، والحاجة إلى الهرب إلى الغيبيات، أو تفريغ الطاقات المكبوتة؛ وهنا رأت الكنيسة أن تكتب لاهوتًا مشيخيًا، مصريًا، مُعاصرًا.

تاريخ الكنيسة الإنجيليّة فى هذا العقد

نظر المجمع المشيخيّ المصريّ فى الكنيسة الإنجيليّة بسنورس فى 7 فبراير 1898م، فى أمر اتساع العمل الإنجيليّ فى مختلف جهات مصر، وتعذر إدارة شئون كل الكنائس بمصر من خلال مجمع واحد.

مُورست أول فريضة للعشاء الربانيّ باللغة العربيّة بالقاهرة عام 1859م، قُبِلَ أربعة أشخاص في شركة الكنيسة ليصبحوا أول أعضاء بها، وهُم: الأب ميخائيل البلّينيّ، وكان راهبًا قپطيًا، والأرمينيّ ميناس چاكوب، والمصريّ عوض حنا، وشخص سُوريّ يُدعى نَصر.

عام1860م، تشكل مجمع مشيخيّ، مصرىّ، رسميّ بموافقة الكنيسة المشيخيّة المتحدة بأمريكا الشماليّة. التأم المجمع في مقر الإرساليّة في القاهرة.

عام 1895م، تم رسامة وتنصيب القس صالح حناالله بكنيسة حارة السقايين.

عام 1898م، تم تقسيم المجمع المشيخيّ بالكنيسة الإنجيليّة، على الوجه التالي:

المجمع الأول: مجمع الوجه البحريّ، ويشمل الدلتا والقاهرة.

المجمع الثانى: يبدأ من مديريّة بني سويف شمالاً، إلى آخر حدود مديريّة المنيا جنوبًا، ويشمل مديريات الفيوم، وبني سويف، والمنيا، وهو”مجمع مشيخة الأقاليم الوسطى”.

المجمع الثالث: يشمل مديرية أسيوط شمالاً، وينتهي بآخر حدودها جنوبًا، وهو “مجمع مشيخة أسيوط”.

المجمع الرابع: يبدأ من حدود جرجا إلى آخر حدود مصر جنوبًا، وهو “مجمع مشيخة الأقاليم العليا”.

 

وأضيف مجمع السودان كمجمع خامس، واستمر كجزءٍ من السنودس، حتى انفصل عام 1965م.

تقرر أن تُشكل المجامع الأربعة ، وأن يُشكل السنودس فى 11 مايو، برئاسة الدكتور واطسن.

عام 1880م، منح الخديوي توفيق رتبة الباشاوية لبطرس غالي.

عام 1882م، استكمل موزع الكتاب المقدّس زيارته للسودان، حيث كان يقوم ببيع الكتب مع الإرساليّة الأمريكيّة، مما فتح عيون الإرساليّة على احتياجات السودان والفُرص المتاحة للعمل المُرسليّ.

1899 اختير القس الدكتور أندراوس واطسن كأول رئيس لسنودس النيل الإنجيليّ فى اجتماعه بمدينة أسيوط فى الكنيسة الإنجيليّة.

واختير القس شحاته عويضة كأول سكرتير لسنودس النيل فى دورتة الأولى المنعقدة فى أسيوط .

قرر السنودس تحريم شراء العبيد والإماء، ونظرًا لعدم إمكانية إعادتهم لمن باعوهم، فإن الكنيسة تصير مسؤلة عن تربيتهم وتعليمهم، وعلى سادتهم يقع التأديب لمخالفتهم قرار الكنيسة.

الشخصيات المؤثرة في تاريخ الكنيسة في هذا العقد

القس الدكتور أندراوس واطسون، أول رئيس لسنودس النيل الإنجيليّ، فى اجتماعه بمدينة أسيوط، في الكنيسة الإنجيليّة بتاريخ 11 مايو 1899م.

القس شحاته عويضة، أول سكرتير لسنودس النيل فى دورته المنعقدة بأسيوط عام 1899م.

القس غبريال ميخائيل الضبع، أول مدير وطنيّ لكليّة اللاهوت، وقد خلفه فى إدارة الكليّة الدكتور القس غبريال رزق الله، ثم الدكتور القس لبيب مشرقي، والقس إلياس مقار، ثم القس باقي صدقة، فالدكتور القس ألبير استيرو، ومن بعده الدكتور القس إكرام لمعي، ثم الدكتور القس مكرم نجيب، ثم الدكتور القس عاطف مهني؛ وأما المدير الحالي للكلية فهو الدكتور القس هاني يوسف.

بدأ الخدمة الطبيّة الدكتور جوهانزتون في أسيوط بإفتتاحه عيادة صغيرة، تحرك منها إلى القُرى المحيطة بأسيوط لزيارة المرضى فى منازلهم.

أسس أخنوخ فانوس روفائيل جمعية خيريّة في أسيوط لمساعدة منكوبي الأزمة الاقتصاديّة، ونقص المواد الغذائيّة؛ وانتُخب نائبًا عن أبنوب عام 1883م، وعمل بالمحاماة أمام المحاكم الأهليّة عام 1884م. كذلك أسس -أيضًا- مدرستين إحداهما للبنين والأخرى للبنات. وكان له دورًا مميزًا في إنشاء جامعة الملك فؤاد “جامعة القاهرة”، حيث كان أحد أعضائها مع سعد زغلول وحفني ناصف وقاسم أمين عام 1906م؛ وانتُخب عام 1902م وكيلًا للطائفة الإنجيليّة بمصر والسودان، ورئيسًا للمجلس المليّ العام؛ وظل فى هذا المنصب حتى عام 1911م.

الأنشطة المؤثرة في تاريخ الكنيسة في هذا العِقد

إقامة مشروع الاستقلال الماليّ، والذى قدمت فيه الأسر الميسورة عُشر أراضيها، لتكون وقفًا لبناء الكنائس أو المدارس، أو إنفاقًا على الفقراء فى بداية التسعينات من القرن الماضي.

شارك القس صموئيل حبيب، رئيس الهيئة القپطيّة الإنجيليّة للخدمات الاجتماعيّة، فى المؤتمر الإسلاميّ، وزار شيخ الأزهر الكنائس الإنجيليّة والجوامع بالولايات المتحدة؛ وساعد منتدى الحوار المسيحيّ- الإسلاميّ على تقارب المفكرين من الجانبين.

اهتمت الكنيسة الإنجيليّة بإقامة المصايف والمؤتمرات لخدمة الشباب وقضاياهم؛ فشجع هذا الكنيسة الأرثوذكسيّة أن تُقيم أسقفيّة خاصة بالشباب.

أسَّس الشيخ ميخائيل فلتس مدرسة للبنين عام 1890م في صنبو، وأخرى للبنات عام 1900م.

ارتبط العمل الإنجيليّ في مصر العليا باسم الشيخ فام اسطفانوس وهو من أوائل العلمانيين الذين رحبوا بالخدمة الإنجيليّة في مصر؛ وكان يتجول بين قرى الصعيد على حماره بعد أن فقد بصره.

انتشر العمل التهذيبيّ في كل أنحاء مصر، فكانت المدرسة تسبق الكنيسة أحيانًا؛ وبحسب محاضر السنودس بلغ عدد مدارس القريّة عام 1898م نحو مئتين وثلاثة مدرسة.

فتحت مدارس الإرساليّة أبوابها لكل المصريين دون تمييز من جهة الدين أو المذهب، وتأسست مدارس ذات سمعة طيبة، في العلم والأخلاق.

دخلت تنمية المهارات المهنيّة للارتقاء بالقرية على نظم الإدارة الديمقراطيّة، وما إلى ذلك من البرامج التنمويّة. ومن بين أساليب التنمية، كان برنامج محو الأميّة وتثقيف فلاحي القرية في مختلف الجوانب.

امتد تآثير الكنيسة العلميّ بالاهتمام بفكر الإنسان وعقله وثقافته، فاهتمت بإنشاء المدارس والكليات سواء للبنين أو البنات فى أرجاء البلاد؛ ففتحت أبواب المدارس والكليات أمام الكثيرين من طالبي العلم.

لاهوت التنميّة نال قِسطًا بالغًا من اهتمام الكنيسة فى مختلف مراحلها؛ حتى تصوَّر فى صياغة متكاملة في كتابات وأعمال الدكتور القس صموئيل حبيب.

الخدمة الطبيّة

بدأت الإرساليّة الأمريكيّة المشيخيّة عملها المُرسليّ فى مصر بخدمة متكاملة شملت التعليم، والكرازة، ودراسة الكتاب المقدس، وجسديًا برعاية صحة الإنسان، وتنمويًا بالارتقاء بالمجتمع سلوكيًا وماديًا.

بدأت الخدمة الطبية فى أسيوط 1886، بافتتاح عيادة صغيرة فى المدينة، أدارها الدكتور جوهانزتون وتحرك منها إلى القرى المحيطة بأسيوط لزيارة المرضى فى منازلهم. ثم تبع ذلك إنشاء مشفىً آخر فى أسيوط، وآخر فى طنطا، أقامتهما الإرساليّة، ثم افتتحت الكنيسة المصريّة المشفى الإنجيليّ بشبرا والعديد من المستوصفات المحليّة، في أسيوط- سوهاج– بورسعيد– وغيرها.


احصائيات

كان نصف عضوية الكنيسة الإنجيليّة فى مجمع أسيوط، أما فى القاهرة، فكان هناك نحو مئتين وخمسين عضوًا، وثلاث كنائس فى كل القطر المصرى. أول قرية رحبت بوجود كنيسة مشيخيّة، كانت قرية الجاولي بمجمع أسيوط، وقرية سنورس في الفيوم، أما أول مدرسة فكانت بطنطا بالدلتا، وكان عدد الأعضاء

قُدِّر عدد الإنجيليين فيما بين خمسين إلى مئة إنجيلي، من جملة ستمائة مصريّ مسيحّي في الخرطوم، وأم درمان، كما جاء في تقرير الإرساليّة الأمريكيّة في مصر عام 1900م؛ وشجع هذا العدد كلا من الإرساليّة الأمريكيّة والكنيسة الإنجيليّة للبحث عن سبل لتلبية احتياجاتهم، وإنشاء كنيسة إنجيليّة بالسودان.

تشريعات وقوانين

نظر المجمع المشيخيّ المصريّ فى الكنيسة الإنجيليّة بسنورس فى 7 فبراير عام 1898م، فى أمر اتساع العمل الإنجيليّ فى مختلف جهات مصر، وتعذر إدارة شئون كل الكنائس من خلال مجمع واحد.

تقرر أن تُشكل المجامع الأربعة فى 22 فبراير عام 1899م، وأن يُشكل السنودس فى 11 مايو عام 1899م برئاسة الدكتور واطسن.

عام 1899م، تم تحريم شراء العبيد والإماء؛ ونظرًا لتعذر إعادتهم لأسرهم، أصبحت الكنيسة مسؤلة عن تربيتهم وتعليمهم، وعلى سادتهم يقع التأديب لمخالفتهم قرار الكنيسة.

تم تقسيم المجمع المشيخي المصري إلى ستة دوائر هي: القاهرة، والمنيا، وشمال أسيوط، وجنوب أسيوط، وجرجا، وقنا؛ واحتوت كل دائرة على لجنة كرازيّة ورعويّة محليّة، مكونة من خمسة أعضاء، ثلاثة خُدَّام مُرتَسمين، وشيخين.

المراجع

إعداد ومراجعة

فاتن صفوت،   جورج اسحق

اقرأ المزيد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى