أغصان الكرمة

أين الله وقت الألم؟

أغصان الكرمة                                               العدد (2)                                                 سبتمبر 2020

كتاب “أين الله في وقت الألم؟” للكاتب فيليب يانسي، ترجمة سليم اسكندر حنا، يقع الكتاب في 311 صفحة من القطع المتوسط، من إصدار مكتبة دار الكلمة عام 2010م، ويحتوى على خمسة فصول، جاءت كالتالي:

الجزء الأول: ما علّة وجود الألم؟

أولاً مشكلة لا تذهب بعيدًا: حينما ننظر إلى عالمنا اليوم بنظرة شاملة، نجد الكل في رباطٍ واحدٍ ينحصر تحت نطاق: “لماذا؟ كيف؟ متى؟” ولعل هذا ما يدفع يانسي أن يعرض لنا عما يدور بداخلنا بصوتٍ مسموع، من خلال طرح عدة قضايا، تكاد تكون مختلفة شكليًا من شخص لآخر لكنها مشتركة جوهريًا من ناحية المشاعر والتأثير، فحينما طرح مشكلة “كلوديا” المريضة جسديًا، نجدها محاطة بأصدقاء أيوب! والإنسان منَّا في مثل هذا الموقف لا يحتاج إلى أصدقاء أيوب، إنما يحتاج لمن يتلامس مع مشاعره!

ثانيًا الهبة التي لا يريدها أحد: هناك فرق بين التعايش بالألم والشعور بالألم، فكلاهما مرفوضين! فمن منَّا يريد إحداهما؟! فالشعور بالألم أمر في غاية الأهمية، ويحكي يانسي عن فقدان التوازن الذي حدث له في صالة الأوركسترا، ومن خلاله نعرف أنه من خلال اكتشاف وجود الألم، يجعلنا نعي بخطورة المشكلة، وأن هذا يدفعنا إلى التفكير السليم لمحاولة إيجاد حلول، فهي بمثابة إنذار وتحذير وفحص عما يحدث فيما بعد.

ثالثًا جحيم بلا ألم: من خلال طرح يانسي عن مرضى “الصرع”، تمنيت أن أموت ألف مرة بالألم، عن أن أعيش ثانية واحدة بمخدر لا يجعلني أعي ما أفعله!

رابعًا الكرب والابتهاج: يعرض يانسي هذه الفكرة ما بين الكرب والابتهاج، من خلال تجربة الكبار في الحرب وغسل الخدام للمرضى بالمنشفة… وغيرها، يتبيَّن لنا: أنه لو لم يُعانِ المرء طعم المُرّ، لما تلذذ بطعم الحلو!

الجزء الثاني: هل الألم رسالة من الله؟!

أولاً كوكب يتأوه: من عدل الله أنه جعل المرء هو سيد قراره في اختيار مصيره، والإنسان الذي يريد أن يرى الجمال يستمتع بما أوجده الله في الطبيعة، ولا يحولها لمصادر مؤلمة تجعل كوكبنا يتأوه، فيكون هو سبب الكارثة!

ثانيًا ماذا يقول الله لنا عبر الألم؟: الحادث المروِّع الذي حدث للشباب في مدينة “يوبا”، ترك الناس في حالة من الذعر والخوف، ودفع علامات الاستفهام لتطل برؤوسها؛ ففي مرات كثيرة يتسبب الألم للإنسان في مواجهة نفسه ورجوعه إلى الله، وهذا ما أكدته مواقف كثيرة في الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد.

ثالثًا لماذا نحن هنا؟: الله إله علاقاتيّ، يريد من الجميع تكوين علاقات سوية مع بعضهم البعض، حتى يستمتع ويستمتعون معه، فتجربة أيوب كما وضَّح يانسي جعلت المرء يشعر بقيمة المسئولية، وما مدي عمق حب الله للبشرية من خلال الألم.

رابعًا أذرع أقصر من أن تصارع الله: عرض يانسي قصة الطبيبة “ماري” المريضة، التي حولت نظرها من ذاتها للآخرين، فلم تعد تسجن نفسها في سجن الذات، بل تحوّل تمحورها حول ذاتها  والصراع مع الله، إلى خدمة الله في المرضي والآخرين، أَنْسَتهَا  آلامها في رسم ابتسامة علي وجوه الآخرين.

الجزء الثالث: كيف يستجيب الناس للألم؟

أولاً بعد السقوط: يوضح يانسي من خلال تجربة “براين”، أن “قبول الألم في حد ذاته شفاء، ولا يُشترط أن يكون الشفاء فقط شفاء الجسد”!

ثانيًا أرقص وأنا على ركبتيّ: يؤكد يانسي في هذه الجزئية من خلال شخصية “جوني” على ما سبق الحديث عنه في الفكرة السابقة (بعد السقوط).

ثالثًا شهادات أخرى: عرض يانسي مقال بعنوان: “الأيتام يقودون العالم”! وكان لهذا المقال تأثير كبير في التاريخ العالمي، ويتضح لنا أنه ليس كل كسر انكسار، بل قد يؤول لانتصار! وهذا ما يتضح في حياة “تورنييه”.

رابعًا حالات خطيرة: ما أجمل أن يبحث المرء عن مشيئة الله لأجله، ويواجه الخوف ويتحداه، ويثق في وعد الله، فبالرغم من الألم المبرح في حالات كثيرة يذكرها يانسي، إلا أننا نرى “ريجير” استطاع أن يسمع صوت الله في أشد محنته.

الجزء الرابع: كيف يمكننا تقبل الألم؟

أولاً حدود التحسن: يعرض يانسي حالات كثيرة تم تَحَسُّنها وقبولها للألم عن طريق الحب، وأستطيع أن أقول أنَّ الحب لحن موسيقي علي أوتار الألم، ذا نغمٍ شافيٍ. فأعطني حبًا يتلامس مع آلامي، ولا تعطني تفسيرًا لآلامي!

ثانيًا الخوف: يمثل الخطر العائق في كشف إرادة الله ، فمن خلال تجربة د/ ريتشتر علي الفئران، نستطيع أن نكتشف أننا عندما نسجن أنفسنا في سجن ذواتنا، مع الخوف من الانهيار، يكون ألمنا عميقًا!

ثالثًا المعني: من خلال ما ذكره يانسي في هذه الجزئية، نستطيع أن نقول إنَّ البوح بالألم لا يُنقِص من كرامتنا الإنسانية علي الإطلاق، بل هو عامل رئيسي للشفاء.

رابعًا الأمل: المريض يحتاج لحضن قبل النصيحة، يحتاج لربتة قبل الإرشاد،  ويحتاج أيضًا إلى قلبِ راعٍ، ومحبة عملية، كما رأت “مرثا” -التي يحكي عنها يانسي- يسوع، خلال الرعاية والمساندة من قِبَلْ المجموعة.

الجزء الخامس: كيف يساعدنا الإيمان؟

أولاً ليرى بنفسه: قيمة الصليب ترجع إلى شخص المصلوب “يسوع المسيح”، فالصليب كان قبلاً رمزًا للخزي والعار،  لكن على الصليب حصل الإنسان على الحياة، وقدم المسيح نفسه لأجل الإنسان، وعانى بنفسه، ورأينا إلهنا يتألم.

ثانيًا بقية الجسد: الإتحاد بالمسيح هو جوهر المسيحية الحقيقيّ، وليس الإيمان المجرد النظريّ،

الذي لا ينتج فاعلية حقيقية، وكذلك القبول غير المشروط في التعامل مع بعضنا البعض. فكما تمتعنا بقبول الله غير المشروط لنا، بالرغم من خطايانا، علينا أن نقدم هذا القبول غير المشروط ونستقبله من بعضنا البعض. فأين الكنيسة في وقت الألم؟! هل تُقدِّم أم تُنَظِّرْ؟ وهذا تَحَدٍ أمام الكنيسة اليوم.

ثالثًا عالم جديد بالخارج: نستطيع -من خلال ما عرضه يانسي- أن نقول: مع الموجة العالية يوجد مرسى، وفي قلب الليل يوجد شعاع نور، وفي وسط الغيمة يوجد أمل، وفي رهبة الموت توجد قيامة، هناك سماء جديدة وأرض جديدة!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى