التأمل اليومي

الكنيسة والمجتمع (١)

لعله من أكثر المفاهيم التي صادفت سوء فهم وتفسير وقدرًا ليس قليلاً من التناقض على مر تاريخها وحتى الآن، هو ما يتصل بعلاقة الكنيسة بالعالم الذي تعيش فيه. فالبعض رأى الكنيسة يجب أن تكون ضد العالم وفـي مواجهة مستمرة معه وآخرون نادوا بأن الكنيسة فوق العالم فيجب أن تنعزل عنه وتتعالى عليه وآخرون لكي يبتعدوا عن المواجهة قالوا أن الكنيسة والعالم يسيران فـي خطين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا لذا لا مجال للحديث عن علاقة بينهما.

لكن، عزيزي القارئ ادعوك إلى تأمل هادئ -ودون أفكار مسبقة- فـي الخط العام فـي كلمة الله منذ أن اختار الله شعبًا يقيم معه علاقة ويطلب منه مسؤولية تجاه الشعوب الأخرى من حوله وحتى مرحلة تأسيس الكنائس وكتابات الرسل إليها مرورًا بتعليم السيد المسيح لنتبين الصورة الصحيحة لتعامل الكنيسة مع المجتمع الذي تعيش فيه.

لقد كان رسالة أنبياء العهد القديم تخاطب مع البعد الروحي التقوي الشخصي، العديد من الجوانب المجتمعية مثل التذكير بقيم هامة كالعدل، الأمانة، الاهتمام بالفقراء والتحذير من أمراض مجتمعية مثل الرشوة والظلم. وفـي خدمة وتعليم الرب يسوع قدم اهتمامًا خاصًا بحاجات الناس الجسدية مثل المرض والجوع والأناجيل تفيض بالعديد من الشواهد. اقرأ وتأمل -على سبيل المثال لا الحصر- فـي متى ٤: ٢٣؛ ٥: ١٣، ١٤؛ ٩: ١٠- ١٣؛ مرقس  ٣: ١٣- ١٥؛ لوقا ٤: ١٨، ١٩. وأيضًا الرسول بولس فـي خدمته ورسائله نجد العديد من الشواهد التي تؤكد عدم إغفال دور الكنيسة المجتمعي مثل فكر المساواة الكاملة بين البشر غلاطية ٣: ٢٨، حقوق المواطنة أعمال ١٦: ٣٧؛ أعمال ٢٢: ٢٥، ٢٦. فـي تأملنا القادم فـي هذا الموضوع سنسعى إلى إزالة اللبس وسوء الفهم لبعض النصوص فـي الكلمة المقدسة التي قادت البعض إلى تبني فكر رفض وجود دور مجتمعي للكنيسة.

«من الطبيعي أن نعيش فـي العالم لكن الخطر أن نسمح له يعيش فينا»

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى