مشكلة الألم
كيف يمكن لإله محب أن يسمح بإستمرار الألم في العالم الذي خلقه؟
بالنسبة لمن إجتازوا آلاماً كبيرة، فإن هذه المشكلة تفوق كونها مشكلة فلسفية، بل هي مشكلة شخصية ونفسية عميقة جداً.
كيف يتعامل الكتاب المقدس مع مشكلة الألم ؟ هل يقدم الكتاب المقدس أي أمثلة على الألم و التعامل معه؟
الإجابة :
إني مقتنع بشدة بأن كل إنسان إنما يعاني بطريقة خاصة جداً لا يعاني بها إنسان آخر. بلا شك يمكننا أن نعقد بعض المقارنات، وأن نتحدث عن ألم أكثر من آخر وألم أقل من آخر، ولكن في النهاية يبقى ألمك شخصي جداً وألمي كذلك شخصي جداً، حتى أن المقارنة لا تجلب أي راحة أو عزاء. في الحقيقة، أني أكون أكثر امتناناً للشخص الذي يدرك تفرد آلامي من الشخص الذي يحاول أن يخبرني بأن هناك كثيرون يتألمون مثلي وربما أكثر. فكسرنا يخصنا وحدنا وليس شخص آخر. الأب هنري نووين
اغلب البشر يكرهون الالم، ويهربون منه قاصدين حياة المتعة والفرح، برغم من ان الالم من وجهه نظرى دليل على حساسية الانسان والحياة ايضا، فالعضو الميت لا يشعر بالألم ، أما الحى فإنه يشعر بالألم.
لو أردت ان اعرف الالم الآن لا احتاج الى تعريف خاص به وذلك لانه امر نختبره جميعا وبأستمرار سواء فى الجسد او النفس او المشاعر او الروح او حتى فى العلاقات وغيره.
ولكن عندما يحث الالم تظهرالفجوة والسؤال بداخلنا. وهو ان كان الله يهتم بنا وان كان الله صالحا فلماذا الالم؟ فغالبًا ما نربط ألمنا بصلاح الله.
فالحقيقة اجد أن الالم انه يهذب النفس يدفعنا لكى نتحمل المسؤلية فى الحياة يقوى داخلنا قيمة بالحياة التى نحياها.
كلنا نعيش فى عالم منظم خلقة الله وكلنا نخضع لهذا النظام الذى وضعه الله. فالذى يطلب الا يتألم فهو يطلب من الله القادر على كل شىء ان يغير كل الانظمة لتتلاءم مع حاجته هو فيهمل حاجه الاخرين . فمعنى ان نرفض الالم هو ان نرفض النظام الذى وضعه الله ولا نستطيع ان نطلب من الله ان يغير نظام الكون لكى لا نتألم .
عندما خلق الله الانسان اعطاه الحرية فهناك حرية ممنوحة من الله للجميع سواء اشرار او ابرار، ان يكون الانسان غير حر هذا يعنى انك سلبته انسانيته . وهذه الحرية قد تجعلنا نخطىء تجاه انفسنا ونتألم او تجاه الأخرين او تجاة الطبيعة.
فالألم حمل ثقيل يراه البعض منا نقصًا وتنغيصًا ومرارة، ويراه آخرون امتحانًا واختبار لقوة تحملهم للحياة .
إن الألم يوقظ رجاء المؤمن في ان يلتفت إلى ابديته يجعله يرضى عن ألمه إذا تذكر ان هناك تذكية ، ويقوَّى رجاءه فى هذة الدنيا، حتى يصبح الألم عطاءً وهبة، وحبًّا وخضوعا
إن كل ألم يصيب الانسان له دور وأثر إيجابي لبناء في تكوين الشخصية الانسانية وتصحيحها.
إن الكتاب المقدس واقعي في تعامله مع مشكلة الألم. فيتحدث عن رجل إسمه أيوب. ويبدأ بتقديم خلفية لآلام أيوب ومعاناته. يعاني أيوب ويتألم . وعلى قدر معرفتنا، لم يعلم أيوب أو أي من أصدقائه هذا الأمر. الجميع يصارعون لتفسير معاناة أيوب من منطلق معرفتهم الضيقة ، حتى يصل أيوب إلى أن راحته ليست في شيء سوى أمانة الله والرجاء في فداءه. لم يفهم ايوب أو أي من أصدقاءه، في ذلك الوقت، سبب معاناته. في الواقع، عندما يواجه أيوب الرب أخيراً، فإن أيوب يصمت. إن صمت أيوب لا يقلل بأي شكل عمق الألم والخسارة التي تحملها بصبر. بل إنه يؤكد على أهمية الثقة في خطة الله وسط الألم، حتى عندما لا نعرف ما هي هذه الخطة. فهذا هو الحل الحقيقي للألم..
فى النهاية اريد ان اقول ان الحياة لا تخلو من الالم، لو فى فى حياتك الم انظر الى الله ، انتظر نعمة الله بتوقع وصبر التى بها تقدر ان تغلب الالم حتى وان لم تستطع ان تجتازه. فالله يريد ان يرفعنا ويجعلنا نتحد به.
ولولا نعمة الألم لما عرفنا نعمة الله، ومصيب مَن أدرك أن حلاوتها في نقصها، وتركها كما هي ناقصة، تجمع بين الألم والأمل ، خلقهما الله ليديرا دفه الحياة نحو الحقيقة والغاية العظمى من هذه الحياة.
يوجد شىء واحد فقط يروعنى ” هو أن لا اكون جديرا بالامى” ديستوفيسكى.