من المعروف والمستقر أنه يتم تصحيح العديد من المفاهيم المغلوطة متى التزمنا بالمبدأ التفسيري الهام المرتبط بضرورة تفسير وفهم أي نص كتابي فـي إطار قرينته وسياقه وخلفيته التاريخية والحضارية.
فمثلا فـي يوحنا ٣: ١٦ «هكذا أحب الله العالم حتى بذل …»
بينما الوصية الإلهية فـي ١يوحنا ٢: ١٥ «لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي فـي العالم إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الله». بالطبع من النظرة السطحية يبدو وكأنه يوجد تناقض. لكن ببساطة عندما نفهم بصورة صحيحة معنى كلمة «العالم» فـي كل شاهد ستتضح الحقيقة، فالكلمة فـي الشاهد الأول جاءت فـي لغتها الأصلية (اليونانية) بمعنى الخليقة الإلهية من البشر وكل الكائنات، بينما فـي الشاهد الثاني جاءت بمعنى أي مجتمع أو جماعة بشرية تنتهج قيم غير إلهية، والكلمة «لا تحبوا» لا تعني الكراهية لكنها تعني لا ترتبطوا، لا تتمثلوا، لا تتبنوا هذه القيم المخالفة لفكر الله. لذا وصف الرب يسوع كنيسته أنها نور للعالم، ملح للأرض.
نعم الكنيسة كجسد يسوع هي بطبيعتها مؤسسة روحية للعبادة والخدمة والكرازة لكنها أيضًا مؤسسة مسؤولة داخل المجتمع. فهي شعب الرب الذي ينتمي للوطن السماوي فكريا وقيميًا وتحيا وسط العالم لتعيش وتحقق هذا الفكر وتلك القيم. لذا الكنيسة عليها أن تقوم بالدورين معًا فهي نور العالم (مسؤوليتها الروحية) وهي أيضًا ملح الأرض (مسؤوليتها المجتمعية) ولا يستقيم أن يكون أحدهما بديلاً للآخر.
ومن هنا لا يجب أن تنعزل الكنيسة عن العالم من حولها وتتعالى عليه.. فهي لا تخشاه لتهرب منه ولا تحتقره فتتعالى عليه.
كان المسيح مؤسس ورأس الكنيسة يهتم بالجموع من حوله فـي احتياجاتها المختلفة سواء الروحية منها أو الجسدية لذا أصبح لزامًا على الكنيسة (جسد المسيح) أن تتمم رسالته بنفس فكره فـي إتمامها. فتكون عينها مفتوحة دائمًا باهتمام ووعي على احتياجات من حولها.
يارب.. افتح عيوننا جميعًا على عمق واتساع وشمولية دور الكنيسة فـي خدمة احتياجات من حولها من البشر.. كل البشر بغض النظر عن العرق والجنس واللون والدين. آمين