” مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. …. ” (غلاطية 2: 20)
نحيا حياتنا المسيحية الجديدة بقوة تنبع من صليب المسيح … ولا يمكن أن تكون هناك مسيحية بدون صليب. فإذا انتزعنا فكرة الصليب من المسيحية لصارت المسيحية مجموعة من التعاليم الاخلاقية التي قد نجدها في أي ديانة أخرى.
كثيرون من الناس ينظرون إلى المسيحية هكذا. وهذا هو سر الضعف الإنساني والانفصالية بين الأقوال والأفعال …
والواقع إن محاولة الوصول إلى الفضيلة عن طريق طاعة الشريعة الإلهية هي محاولة فاشلة بدون الصليب. لذلك جاء المسيح ليموت على الصليب، ويكشف لنا نعمة الله المتفاضلة فيحمل خطايا البشر، ويسبى قلوبهم بمحبته فيموتوا عن الخطية أو بتعبير آخر يُصلبون مع المسيح، ليقوموا معه في حياة جديدة اذ يحيا هو فيهم، وبذرة الحياة الجديدة هذه هي ينبوع خلاصهم وسبب تبريرهم … وهكذا يقول ” مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. ….”
فدعونا نتأمل في الحياة بدون الصليب، والحياة بقوة الصليب
أولًا: الحياة بدون الصليب
والمقصود بذلك الحياة العادية بكل مقوماتها دون فداء الصليب. وهذه هي نوعية الحياة التي يعيش فيها غالبية الناس الذين يتصورون أن الإنسان بعلمه وفكره وانجازاته يستطيع أن ينال السعادة والبركة.
ومع أن المسيحي لا ينكر اهمية المادة والفكر والعلم والاقتصاد، لكنه يرى أن كل هذه المقومات بدون روح الصليب، لا يمكن أن تسعده وتخلصه. إن الصليب هو تاج تلك المقومات البشرية لأنه عمل الله في فداء الانسان.
ثانيًا: الحياة بقوة الصليب، ما المقصود بهذه العبارة؟
إن الحياة بقوة الصليب ليست مجرد أن نؤمن عقليًا بأن المسيح مات على الصليب وقام … فهذا الإيمان العقلي عقيم وسقيم. وما أكثر الذين يقفون عند مجرد الاقرار العقلي بحقيقة ما … والحياة بقوة الصليب ليس معناها اننا نعلق صليبا على صدورنا أو في بيوتنا وكنائسنا.
إن الحياة بقوة الصليب معناها اننا نضع نُصب عيوننا ما فعله المسيح لأجلنا، فتنكسر قلوبنا حزنا على خطايانا، فنموت عن الخطية لنحيا لله.
إن الحياة بقوة الصليب معناها أننا نعترف بعجزنا الكامل عن طاعة الله، ونقبل عمل نعمته الرائع، فيسكن هو في قلوبنا، فتنمو فينا بذرة حياة جديدة مصدرها الله.