التأمل اليومي

آه من التعصب

“مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ. وَلَكِنَّهُ سَيُثَبَّتُ لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ” (رومية 14: 4)

التعصب ظاهرة انسانية خطيرة، إذا تملَّكت فكر إنسان ما، عطلّت قدرته على الحكم السليم، وانعكست على سلوكه لتجعله متحيزًا ومنفعلًا ومندفعًا.

فالتعصب مرض من أمراض الشخصية قريب من التطرف، ولصيق بالكبرياء والعناد. وهذه كلها أمراض يمكن أن تصيب الفرد، ويمكن أن يُصاب بها بعض قطاعات المجتمع، فتعود على الأفراد والمجتمعات بكثير من المتاعب والمشكلات. وقد عانت الإنسانية كثيرًا من شرور التعصب والتطرف في بعض حقب التاريخ ولا تزال تعاني منها في كثير من البلاد وبلادنا المصرية ليست مستثناة من هذا الضعف الإنساني.

ونظرة واحدة إلى ما يحدث حولنا من توتر في العلاقات، والجدل العقيم حول بعض المفاهيم الفكرية والسياسية والدينية.

ويُعتبر التعصب الديني، أخطر وأسوأ أنواع التعصب، لأنَّ الناس وقد تأصلت فيهم العقيدة وترسخت في تفكيرهم فإنهم يسرعون حالًا إلى اتهام غيرهم بالكفر والهرطقة لأنهم يتصورون أن ذلك مقاومة لله أو انكارًا له وللمسلمات الدينية… ومن هو الإنسان الذي يجرؤ أن يقف ضد الله ويخالف ما يتصوره الناس أنه وصايا الله. هذا التعصب ليس قاصرًا على اتباع الديانات المختلفة، ولكنه موجود حتى بين اتباع الدين الواحد.

وللتعصب أسبابًا، منها، الكبرياء الفكرية والغرور الروحي، ومنها اعتقاد الإنسان أنه يمثل فكر الله وينوب عن الله في الأرض، ومنها تدخل المصالح الشخصية للفرد أو الجماعة واتخاذها مظهر الغيرة على الدين.

أمَّا عن علاج التعصب، فعلينا أن نتبع أسلوبًا جديدًا في تربية الناس، لكي يتدربوا على حرية الفكر واحترام رأي الآخر وقبول الشخص كإنسان مها اختلفنا معه في الفكر، كما علينا أن نؤكد على سيادة الله على هذا العالم، فهو الحق المطلق، وهو وحده الذي يحاسب الانسان وهو سيد التاريخ وفي يده خطوط هذا التاريخ بمحتوياته وحركاته؛ إذًا فالإيمان بسيادة الله على التاريخ يخفف كثيرًا من غلواء المتعصبين، كما أنَّ الاعتراف بضعف الإنسان ومحدودية تفكيره، يساعده آلا يدين الأخر، وهكذا فإنَّ السلوك بالمحبة المسيحية هو الدواء الناجع والناجح لكل من يجرب التعصب – فالمحبة تحتمل كل شيء وتصبر على كل شيء.

آه من التعصب!! ليحمنا الله منه، وليزدنا الله تواضعا ومحبة لكى يقبل بعضنا بعضًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى