- جيرولامو سافونا رولا Girolamo Savonarola
سافونارولا (1452 ـ 1498)، مصلح ديني وسياسي، وُلد لعائلة نبيلة، وحصل تعليمًا جيدًا، درس الطب، وقد استمع إلى عظة عن التوبة والخلاص من راهب أغوسطيني، فتجاوب معها وتغيرت حياته وكان ذلك في عام 1474م، ومع بدء حياته الجديدة، اتجه إلى دراسة اللاهوت منتسبًا إلى الرهبنة “الدومينيكانية” عام 1475م، وقد صار رئيسًا لدير القديس “مرقس”، وأعلن أنه “قد انتخب من الله”، فلن يكون ولاءه لحاكم أيًا كان غير الله، وقد نجح في جعل ديره مركزاً للدراسات الشرقية وملتقى لأهم باحثي “اللاهوت والفلسفة الإنسانية” في فلورنسا، وزاد عدد الرهبان في أيامه من 50إلى 238 راهبًا.
تبنى “رولا” خطابًا رؤيويًا في وعظه، وبعد دراسته لسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، وعظ عن اقتراب نهاية العالم وتنبا عن ضربات إلهية تصيب الكنيسة والمجتمع والملك بسبب فسادهم، وقد تحققت بعض هذه النبوات، فزادت من تاثيره في مختلف أنحاء إيطاليا.
وبعد أن نادى “رولا” بأهمية تخليص الكنيسة من أدوارها السياسية، وإعادتها لواجباتها الروحية، وفشل في ذلك، آمن بأن الإصلاح لن يأتي إلا بواسطة الجيل الجديد، إذ كان قد فقد الأمل بإصلاح كبار الكنيسة وقيادتها.
وعلى المستوى السياسي، لم يكن “رولا” أقل تعصبًا. فقد دعا إلى إصلاح أخلاقي واجتماعي راديكالي في مدينة “فلورنسا”، حيث أسس ما يشبه “الجمهورية الديمقراطية الثيوقراطية” بعد وفاة حاكمها عام 1442. كما كان سببًا في وضع دستور جديد للمدينة حتى أن “فلورنسا” صارت مدينة مسيحية حاكمها الله، وقانونها مبني على الإنجيل، وحكامها وقضاتها ينتخبهم الشعب هو مصدر السلطات ويكونون مسؤولين أمام الله مباشرة من دون الخضوع لرجال الكنيسة. ومما قاله: “الله وحده يكون ملكك يافلورنسا، كما كان ملكاً لإسرائيل بمقتضى العهد القديم”.
حرم “رولا” الشذوذ الجنسي الذي كان شائعًا في أيامه، وحكم على الشاذين بالموت. واستطاع أيضاً أن يجعل من الأولاد المشردين في الشوارع جيشًا مقدسًا، إذ صاروا يجوبون شوارع المدينة وهم يرنمون ترانيم وأغاني روحية ويجمعون المال للفقراء.
وكغيره من المُصلحين هاجم “رولا” البابا “أسكندر السادس”، وشكك في مسيحيته، وشرعية وجوده على الكرسي البابوي، مما جعل الغالبية تتعاطف مع البابا، وانقلاب الرأي العام في المدينة ضده شخصيًا، وتخلت السلطات المدنية عنه، فتم اعتقاله وإدانته بالانشقاق والهرطقة ومحاولته عزل “البابا”. وبعد تعذيب قاسٍ ومحاكمة صورية، أعدم “سافونارولا” مع راهبين آخرين حيث علقوا على صلبان وأحرقوا في 23 أيار 1498م.
ورغم أن “رولا” عاش ومات كاثوليكياً، إلا أنه ينظر إليه على أنه لوثر زمانه، ومع أن كتابات “رولا” أدرجت في الطبعة الأولى (1559) لفهرس الكتب المحظورة. إلا أنه منح لقب “خادم الرب”، كما قدمت أسقفية فلورنسا دعوى لتطويبه في 30 مايو من عام 1997م.
زعماء الإصلاح الإنجيلي
في ملء الزمان كان الله قد مهَّد تمامًا الحالة الكنسية، والاجتماعية، والسياسية، وثورة الطباعة، لاستقبال التغيير والإصلاح الإنجيلي، وكان قد أعد أيضاً رجالاً أمثال “لوثرن وكالفن” وغيرهم ليكونوا زعماء وقادة هذه الحركة، وليواجهوا كل فساد استشرى في الكنيسة بعلاج مؤسس على كلمة الله، الكتاب المقدس، ومن هؤلاء الأبطال نذكر:
- مارتن لوثر Martin Luther
مارتن لوثر (1483 ـ 1596)، راهب الماني، وقسيس، وأستاذ للاهوت، وأحد أهم رجالات الإصلاح الكنسي في أوروبا.
ولد “لوثر” ليلة “عيد القديس مارتن”، وذلك يوم الإثنين 10 نوفمبر 1483م، لأسرة ريفية بسيطة وفقيرة، لكنها طموحة متدينة، علمت أولادها تقوى الله وخوفه، وقد كتب لوثر واصفًا حالة أسرته، إبان ولادته، قائلاً: “كان والديَّ فقيرين جداً، كان أبي حطاباً، وطالما كانت أمي تحمل الحطب على ظهرها لكي تحصل على ما تستطيع أن تربي أولادها”، لكنهما انتقلا لمدينة مانسفيلد “Mansfeld“، القريبة والغنية وهناك نجح أبوه في العل وحقق ثروة معقولة ونال حب واحترام الناس، حتى أنه أنتخب عضوًا في مجلس المدينة.
تعلم “لوثر” في مدرسة مانسفيلد، أصول وقواعد اللغة اللاتينية، الوصايا العشرة، قوانين الإيمان، الصلاة الربانية وبعض الترانيم، والخطابة والمنطق والتاريخ وبض العلوم الأخرى، ثم انتقل “لوثر”، إلى مدرسة مجدبرج “Magde Bourg“، حيث تعلم حياة التقشف والزهد والاتضاع والإماتات، وتأثر بفكرة أهمية حياة الرهبنة كوسيلة هامة للهروب من غضب الله والحصول على الحياة الأبدية، على أن أهم ما أثر في “لوثر” كان رؤيته للكتاب المقدس لأول مرة في حياته، وقراءته لقصة الصبى صموئيل، وبعدها انتقل إلى مدينة “إيزناخEisenach “، حيث أكمل تعليمه الثانوي.
التحق “لوثر”، بجامعة “إيرفورتErfurt“، ونال درجة البكالوريوس في الأداب عام 1503م، وفي عام 1505م، نال درجة الدكتوراه في الفلسفة، وبعدها اتجه لدراسة الحقوق نزولاً على رغبة أبيه، لكنه تركها بعد قليل لينضم إلى أحد الأديرة الأوغسطينية بحثً عن خلاص نفسه وضمانًا لحياته الأبدية.
ولأن “لوثر”، كان دائم الخوف من الموت، كان يخشى الله ويخاف من عدله وجبروته، إذ كان لا يرى في الله سوى الديان، المنتقم، الجالس على عرش مرتفع يمسك بيده ميزان يزن به أعمال الناس من خير أو شر، حتى أنه كتب ذات مرة قائلاً: “آه لو كان في استطاعتي أن أكون رجلاً تقيًا وأرضي الله”، وقد مر بالعديد من الأحداث التي شكلت وغيرت حياته، من هذه الأحداث، الموت المفاجئ لصديق مقرب له، جعله يتساءل ماذا منت أفعل وإلى أين كنت أذهب إن كان الموت أخذني أنا؟، وبعدها بقليل تم اغتيال صديق أخر، ثم حدث أن سقوط هو شخصيًا على صخرة، أصابته بجرح عميق في فخده، وتعرض لنزيف حاد كان يُنهي حياته، فشعر بقرب نهاية حياته، وذات مرة تعرض لعاصفة رعدية شديدة اقتلعت شجرة وألقت بها عند قدميه، فشعر ثانية بدنو الموت منه، فصرخ للقديسة “حنه Ann” أن تنقذه، قاطعًا على نفسه نذراً، إن نجا من الموت سينضم لسلك الرهبنة ما تبقى من حياته.
وقد حدث وأنقذ من الموت، وانضم للدير ليكون راهبًا، لعله ينال الخلاص والطمأنينة لحياته.
وقد كتب شهادته عن تلك الفترة قائلاً: “إني كنت بالحقيقة راهبًا تقيًا، وقد اتبعت قواعد الرهبنة.. وإن جاز أن أي راهب يستطيع أن يحصل على السماء بأعماله الراهبية فأنا بكل تأكيد كان لي هذا الحق، بهذا يشهد كل الرهبان الذين عرفوني..”.
سيم “لوثر” كاهنًا في عام 1506م، وقاد أو قداس له، وحمل بين يديه لأول مرة عنصري سر الإفخارستيا، وشعر برهبة الموقف حتى أنه كتب: “عندما قمت بأول قداس لي شعرت أني على حافة الموت” ومع ذلك لم تمنح حياة الدير ولا حياة الكهنوت “لوثر” سلامًا روحيًا، ولا طمأنينة لأبديته، ولا خلاصه سعى إليه وابتغاه.
وفي عام 1507م اختبر “لوثر” للدراسات العليا، وعينه الأمير فريدريك أستاذًا للفلسفة بجامعة وتنبرج، وحصل على الدكتوراه عام 1512م في اللاهوت الكتابي، وأصبح مسؤولاً عن أربعة أديرة.
أختير “لوثر” ليذهب إلى روما، وهناك قام بكل الطقوس حتى أنه صعد سلم أحد الكنائس على ركبتيه كفارة لجده. لكن لوثر صدم مما رآه في روما، التي كانت تمثل في نظرة قمة الروحانية والتدين. حيث اكتشف أن الكاهن الذي اعترف أمامه جاهل، وأن القداس يُتلى بسرعة شديدة، وعندما كان لوثر يُشارك في قداس بإحدى كنائس روما، قال له الكهنة: “اسرع نريد أن نرسل الابن إلى بيته، إلى سيدتنا مريم”، وقد كتب “لوثر” عن هذه الرحلة: “إن كل شئ مباح في روما، إلا أن يكون الإنسان رجلاً أمينًا”.
لكن “لوثر” كان بدأ يعرف ويختبر نعمة الله منذ تقابل أثناء وجود في الدير مع راهب متقدم في العمر والخبرة الروحية، قاده ولأول مرة أن يرى الله مانحا الغفران، بدلاً من صورة الله الديان المنتقم، والتي تغلغلت بداخله، وبعدها كان لرئيس الأديرة الأغسطينية “ستوبيز Staupitz” تأثير إيجابي على “لوثر” فقد تبناه روحيًا وقدم له علاجًا جزيئًا من مشكلتي الخطية، الخوف المستمر من الله، وساعده على حل جزء من مشكلة عقيدة الاختيار.
وبعد أن أصبح “لوثر” أستاذًا يدرس الكتاب المقدس، أعد برنامجًا ومنهجًا يقدمه كدراسة كتابية للكتاب المقدس، من المزامير، ورسائل رومية وغلاطية والعبرانيين، وفي هذا الوقت تعرف على قول الكتاب: “فيه معلن بر الله بإيمان لإيمان كما هو مكتوب “أما البار فبالإيمان يحيا” (رومية 1: 17)، وقد كتب قائلاً: “كنت أبحث بدون هوادة لفهم هذا النص، كانت رغبتي عارمة لفهم هذا الاصطلاح الذي استعلمه الرسول بولس، ماذا يقصد بهذه العبارة “بر الله؟”، وأخيراً أشفق عليَّ الله وبدأت أفه أن عبارة “بر الله”، تعني أن الإنسان الذي يؤمن يحيا بالبر الذي يمنحه له الله، وهنا أدرك “لوثر” أن بر الله لا يتوقف على أعمال الإنسان الصالحة، وأن الحصول على التبرير يأتي في إطار النعمة وحدها، ومن هنا تغيرت حياة لوثر، وترسخت عنده عقيدة التبرير بالإيمان وحده، تلك التي كانت حجر الأساس في انطلاق حركة الإصلاح الكنسي التي قادها لوثر.
وفي ليلة الأربعاء 31 أكتوبر 1517م، الموافق “عيد جميع القديسين” علق “لوثر” 95 اعتراضاً على باب كاتدرائية “وتنبرج” عنوانها: “القوة الفعلية لصكوك الغفران”، ولأنه كان يببغي في ذلك إصلاح الكنيسة من الداخل، كتب احتجاجاته باللغة اللاتينية لغة الإكليروس والمثقفين والمتعلمين، ولم يدر بخلده أن يخرج عن الكنيسة التي أحبها، حتى بعد تهديدات الحرم التي صدرت ضده من البابا، ولمدة أربع سنوات كاملة، من بدء اعتراضاته ومحاولاته الإصلاحية، حتى صدر قرارًا باباويًا رسميًا في يناير 1521م، بحرمان “لوثر”، واعتباره هرطوقيًا ومن يتبعه، وهنا أدرك أنه لابد من الخروج عن الكنيسة التي صار مرفوضًا ومطرودًا منها.
وحين فشلت المساومات والمفاوضات عن أن تثنيه عن موقفه وآراه وأفكاره الصلحة، عقدت المحاكمات والمجامع الكنسيةة لمحاكمته، سواء قبل الحكم بهرطقته أو بعدها، لكن سيذكر التاريخ كيف أن “لوثر” ارتبط وتعلق بالكتاب المقدس وحده، فعندما طلب منه التراجع عن كتاباته وما اعتبرته الكنيسة الكاثوليكية هرطقةة، قال: “إن لم تقنعوني من الكتب المقدسة لا يمكنني أن أتراجع، لأن ضميري لم يعد يخضع بعد، لا للباباوات الذين حكم بعضهم على بعض، ولا للمجامع التي ارتكبت أخطاء وحكموا بعضهم على بعض، فإن ضميري لا يخضع إلا للكتب المقدس.. وهذا ما أومن به فليعني الرب”.
وقد كتب “لوثر” مجموعة من الكتابات التي هاجم فيها سلطان البابا، والكهنة بصفة عامة، معتبراً أن المسيح هو كاهننا وذبيحة العهد، فليس الكاهن المرتسم هو الكاهن بل كل من يقبل المسيح، ولا فرق بين إكليروس وعلماني، مؤكدًا على أن “الإيمان بالنعمة وحدها”، وقد ترجم الكتاب المقدس من اليونانية إلى الألمانية، ودعا الجميع إلى قراءة وتفسير الكتاب المقدس، كما اعترض على ما تعلمه الكنيسة عن ممارسة العشاء الرباني، قائلاً: “إننا لا نخلص لأننا نتناول من العشاء الرباني، بل لأننا خلصنا بالإيمان الذي هو عطية الله نتناول من العشاء الرباني”.
في عام 1525م، أعلن “لوثر” رفضه لنظام الرهبنة وتزوج من راهبة سابقة تسمى “كاترين”، أنجب منها ستة أبناء. كان يقضي أوقتًا طويلة معهم، وكتب لهم أكثر من 489 مثلاً وقصة، في حين كتب أكثر من 450 كتيبًا، وترك ثلاث ألاف عظة في ستين ألف صفحة.
رقد “لوثر” على رجاء القيامة، يو الخميس الموافق 18 فبراير 1546، في المدينة التي ولد وتعمد فيها، بعد أن قاد أعظم حركة إصلاح كنسية في التاريخ، تلك الحركة التي غيرت وجه الكنيسة وأوربا والعالم.
- هالدريش زونجلي Huldrych Zwingli
ولد هالدريش زونجلي (1484 ـ 1531) في 31 ديسمبر 1484م، بقرية جباية تسمى “فلدهاوس” على بحيرة زيورخ، بسويسرا، لأسرة ريفية تعمل في رعاية الأغنام والماشية، لكنها أسرة تتقي الرب، ولأن الطفل “زونجلي” تميز بصفات المحبة والطيبة والوداعة، فقد كرسه والداه لخدمة الكنيسة، وقبل أن يكتمل “زونجلي” عامة العاشر، أرسله والده ليكون تحت رعاية عمه عميد كلية “فيزنWesen“، وليشرف على تعليمه المدرسي، وقد تعلم “زونجلي في مدارس بازل وبرن وفينا.
حصل “زونجلي” على درجتي البكالوريوس والماجستير، وفي في عام 1506م. أصبح أستاذًا في الآداب، واللاهوت الذي درسه في بازل على يد اللاهوتي القدير “توماس وتنباخ”، الذي كان بمثابة “ستوبيز” الب الروحي للمصلح العظيم “لوثر”، الذي علمه عن محبة وغفران الله، ووضع لوثر على أول طريق معرفة عقيدة التبرير بالإيمان، هكذا كان “وتنباخ” بالنسبة لـ “زونجلي”، فقد علمه أن: “الساعة لابد آتية وهي ليست بعيدة، التي فيها سيطرح علم اللاهوت المدرسي جانبًا وتنهض من جديد تعاليم الكنيسة الأولى”، وكان يعلمه أن “موت المسيح هو الفدية الوحيدة لنفوسهم”.
أختير “زونجلي” عام 1506م، ليكون راعياً لكنيسة “جلاريس Glaris“، وكان أمينًا في تادية مهام خدمته ورعويته، دائم الدراسة لكلمة الله، وقد درس اللغة الاتينية وكتابات الآباء وخاصة أوريجانوس وأوغسطينوس وأمبروز وجيروم وغيرهم، حتى أنه كتب عن تلك الفترة من الدراس: “إني أدرس الآباء ودكاترة اللاهوت ليس بصفتهم سلطات يتحكم الخضوع لها، والأخذ بأقوالهم بلا مناقشة أو جدال، بل بنفس الغاية التي نرمي إليها عندما نسأل صديقاً قائلين: ماذا تفهم من هذا الفصل؟”، كما كانت كتابات كلا من المصلح “ويكليف، وهس” معرفة ومتاحة لديه. لذا في وعظه خلال هذه الفترة، لم يتناول فقط مساوئ الباباوية ومفاسد كنيسة روما، بل كان يقدم علاجًا لها بكل شجاعة وجراة، وكان هذا بمثابة بداية انطلاق فجر الإصلاح فس سويسرا.
في عام 1513م، عين “زونجلي” قسيسًا مجنداً ليرافق جيش الاتحاد السويسري الذي استعام به البابا ضد فرانسيس الأول ملك فرنسا، وقد شاهد “زونجلي” بعينيه هزيمة جيش بلاده وتعرض جنوده لمذبحة، وعندها أدرك خطأ أن تكون جيوش بلده مرتزقة تحارب حروب البابا، فعلم ضد هذه الفكرة واستجابت له كثير من المقاطعات السويسرية، كما أدرك أن مكانه الحقيقي والأصيل هو “المنبر” الذي منه يعلم الشعب كلمة الله، فبدأ ينادي بكلمة الله أكثر فأكثر.
ذاع صيت “زونجلي”، حتى أنه في عام 1516م، وصلته دعوة ليكون راعيًا لدير بندكتى في بلدة “إينسدلن Einsiedeln“، وهناك أصبح المجال أمامه مفتوحاً لأن يرى مساوئ الديانة الزائفة الشكلية، فقد كان أكثر ما لفت نظرةن ذلك التمثال الملائكي الكبير على باب الدير، وقد كتب تحته: “هنا يمكن الحصول على غفران كامل من الخطايا”، ومن هذا الدير، انطلق “زونجلي” في حركته الإصلاحيةة مبتدئًا من مدير الدير، إذ قال له: “ادرس الكتاب المقدس، فسيأتي قريبًا جدًا الوقت الذي يكون فيه الكتاب القدس مرجعًا للمسيحيين، وليس أقوال الآباء”، وقد تأثر أيضًا رئيس الدير بتعاليم المصلح الجديد، فاستبعد جميع الطقوس الخرافية، كذلك أثرت خددمة “زونجلي” في ذلك الدير على السماح للرهبان بدراسة الكتاب المقدس باللغة المحلية، ونجحت خدمته وتبشيره وتأثيره في جذب الجماهير الغفيرة، وحول عبادتهم من عبادة الصور والتماثيل إلى “الإيمان بالمسيح وحده”، وكان يعلم بأن الله مصدر الخلاص، وهو موجود وحاضر في كل مكان، وكان وعظه منصبًا على مجد الله وحده في مقابل الصور والأيقونات والتماثيل التي كانت منتشرة، فقد كان دائم القول: “لا تتصوروا أن الله موجود في هذا المعبد أكثر من وجوده في أي مكان أخر من الخليقة، إنه مستعد أن يسمع صلواتكم وأنتم في بيوتكم”.
كانت عظات وتعاليم “زونجلي” إصلاحية تمامًا، ورغمًا عن مهاجمته للبابوية ومفاسدها، إلا أن البابا ليو العاشر، عينه قسيسًا خاصًا للكرسي الباباوي، لكنه في أغسطس 1518م، واجه مشكلة بيع صكوك الغفران، حيث جاء الراهب الفرنسيسكاني “برناردين شمشون” مندوبًا عن البابا لبيع صكوك الغفران في سويسرا، فتصدى له “زونجلي”، وقادة الكنيسة السويسرية، وطردوا شمشون وأتباعه وما يحمملونه من صكوك غفران.
في يناير 1519م، لبى “زونجلي”، دعوة ليكون راعيًا لكاتدرائية “زيورخ”، وكان شرطه ألا يتقيد بنمطية العبادة ونظامها المتُبع هناك، بل يكون له مطلق الحرية في تفسير وتقديم الكتاب المقدس لسامعيه، وسمح له، ولأنه كان لديه الغيرة المقدسة لإعلان الحق الكتابي، بمحبة حقيقية، فكان لأسلوب تاثيرًا عظيمًا في نفوس سامعيه، وقد طرح “زونجلي” عدة موضوعات للنقاش، منها “عدم أهمية الصوم الكبير، وكتابية زواج الإكليروس”، بينما لفت الأنظار لفساد الحياة الأخلاقية للكهنة، وكتب “زونجلي” العديد من الكتيبات التي يشرح في مبادئ إصلاحه، ولم يات عام 1522م، حتى كانت “روح الإصلاح قد نمت وترعرت في جميع أصقاع سويسرا.
أصدر “زونجلي” بيانًا من سبعة وستين فقرة يشرح فيه مبادئه التي لا تعترف إلا بالكتاب المقدس وحده، وعلى أثر هذا البيان، وجهت دعوة لعقد “زيورخ” صبيحة يوم 29 يناير 1523م، أمام مجلس الشيوخ ولما لم ير المجلس معارضة حقيقية، لما جاء في البيان، أصدر المجمع مرسومًا، بإقرار بيان “زونجلي”.
استر “زونجلي” في خدمته مهاجمًا لكل ما يراه بعيدًا عن الكتاب المقدس، فقد هاجم عبادة الصور وعقيدة الاستحالة في العشاء الرباني، وقد اجتمع مجمع زيورخ في أكتوبر من نفس العام 1523م، ليناقش هذه الأمور ولمدة ثلاثة أيام متتالية، ومرة ثانية ينتصر زونجلي وتاتي قرارات المجمع لصالحه ولصالح حركة الإصلاح.
وفي أبريل 1524م، تزوج “زونجلي”، وأنجب، كما استمرت حركته تحقيق وتسعى لمجد الله وحده، فقد تقدم بطلب هو زميليه “ليوجودا وانجلهارت” لمجلس الشيوخ بزيورخ، يطلبون إزالة كل الصور والتماثيل في كل كنائس المقاطعة، وأن تباع حليها ويعطي ثمنها للفقراء، وقد أستجيب لطلبهم، ومرة ثانية يتقدم زونجلي ورفيقاه بطلب لإلغاء القداس، وفي صبيحة يوم 11 أبريل 1525م، استجاب المجلس لطلبهم، واصدر قرارًا نصه “من الان فصاعدًا بمشيئة الله تمارس الإفخارستيا طبقًا لرسم المسيح ونظام الرسل، وليكن القداس لاغيًا في كل مكان”، وبدأ زونجلي في تقديم العشاء الرباني كتذكار للعشاء الأخير الذي رسمه المسيح لتلاميذه.
ولقد صاغ زونجلي اهم المبادئ التي قامت عليها حركته الإصلاحية في رسالتين هما: “الدين الحقيقي والدين الزائف” عام 1525؛ “النظام” عام 1530.
وعندما ظهر الاختلاف اللاهوتي بين المصلحين الكبار، “لوثر” و”زونجلي” حول عقيدة العشاء الرباني، اجتمعا معًا وعقدا مؤتمرًا في محاولة لحل هذا الخلاف عام 1529م، في مدينة “ماربورج Marburg“، لكن وعلى مدى اربعة أيام من النقاش لم يتفقا، وخرج كل منهما بفكرته وعقيدته الخاصة، ففي حين آمن “زونجلي” أن العشاء الرباني تذكار، لما عمله المسيح لأجلنا، اعتقد لوثر بأن حلولاً سريًا للمسيح يحدث لعنصري العشاء الرباني عن التناول منهما.
من الأخطاء الرهيبة التي وقع فيها “زونجلي” هي، اللعب بالسياسة، فقد تحالف مع مقاطعات إصلاحية أخرى ضد مقاطعات كاثوليكية وخاض الحروب لربح تلك المقاطعات إلى الإيمان الإصلاحي، وهكذا عاد “زونجلي” مرة أخرى للجيش والحروب والتي قتل في واحدة منها عام 1531م، تاركاً قيادة حركة الإصلاح لزوج ابنته المصلح “هنريخ بولينجر Henrich Bullinger “.
- جون كالفن John Calvin
جون كالفن (1509 ـ 1564)، ولد في 10 يوليو 1509م، بمدينة “نيون Noyon“، شمالي باريس، لأسرة برجوازية، والده “جيراردGerard ” عمل سكرتيراً لأسقف المدينة، ووكيلاً للأعمال المالية الخاصة بالكنيسة والكهنة، عاش “كالفن” محرومًا من حنان الأمومة، حيث رقدت أمه وهو لم يزل طفلاً صغيرًا.
تعلم “كالفن” بمدرسة “نيون”، ثم مدارس “دي لامارش”، و”مونتجي”، بباريس حيث تعلم حياة الزهد والتقشف، ونهل من كتابات الاباء أوغسطينوس، ويوحنا ذهبي الفم، وغيرهم، كما درس الأدب والرياضيات والشعر والفلسفة، كما تعرف على كتابات “لوثر” والرد عليها من خلال أستاذه “جون ماير Jihn Mair“.
حصل “كالفن” على درج الليسانس عام 1528م، والدكتوراة في الحقوق عام 1533م، من جامعة “أورليان Orleans” الشهيرة، تلك الدراسة على أثرت على مفهوم “كالفن” عن الله العادل والقاضي الذي يدين الإنسان الخاطئ، كما ظهر تأثره هذا في أسلوب كتاباته الدينية المشبع بروح القانون، لم يكتف “كالفن” بتلك الدراسات، لكنه درس أيضًا اللغة العبرية، والخطابة والبلاغة، كما تعلم اللغة اليونانية على يد أستاذ لوثري هو “ميليكور فولمان Melchior Wolman” ويعتقد أن فولمار كان له تاثير على إيمان “كالفن” بالأفكار والعقائد الإنجيلية.
ترعرع “كالفن” في وسط كاثوليكي لكنه تعرف وتأثر مبكراً بتعاليم المصلحين “لوثر” و “زونجلي”، وكان له أصدقاء كثر من البروتستانت حتى أنه كان مواظبًا على حضور اجتماع إنجيلي في باريس.
كانت باريس نقطة التحول في حياة “كالفن”، حيث بدأت صيحة عقيدة التبرير بالإيمان تدوي هناك بدء من عام 1512، ومن قلب جامعة “السوربون”، كان هناك، جيمس ليفيفر، ووليم فاريل، وابن عمه “أوليفتان”، الذي ترجم الكتاب المقدس إلى الفرنسية، والذي نصحه قائلاً: “إن الديانة الصحيحة ليست هي تلك المجموعة من الطقوس والفرائض التي تفرضها الكنيسة على تابعيها، اترك صياحهم قائلين: “الآباء، المعلمين، الكنيسة، واصغ للأنبياء والرسل وادرس الكتاب المقدس”، ولأن كالفن كان عاشقًا للدراسة، فقد أثرت دراسته لكتابات لوثر والآباء ولكلمة الله على حياته الروحية، وأعلن عن تغييره الروحي في نهايات عام 1533م. وهو العام الذي قدم فيه “نيقولا كوب” رئيس الجامعة خطابًا، فيه الكثير من أفكار لوثر؛ فطرد من الجامعة، وفي عام 1534م، انتشرت ملصقات عن عقيدة العشاء الرباني، بحسب الفكر المصلح، وعلقت في كل مكان؛ حتى أنها علقت على باب غرفة نوم الملك فرانسوا الأول ملك فرنسا، الذي كان كاثوليكيًا متعصبًا، فقبض على مائتي شخص، أعدم منهم 35 شخصًا، كان بينهم أصدقاء لكالفن.
ومن هنا قطع كالفن علاقته بالكنيسة الكاثوليكية. وبعد تلك الحادثة هرب كالفن إلى بازل بسويسرا.
بدأ “كالفن” في كتابة كتاب “مبادئ الديانة المسيحية”، وصدر في طبعته الأولى عام 1535م، هذا الكتاب الذي رفع “كالفن” إلى مصاف قادة الكنيسة المصلحة، وقد شهد عن هذا الكتاب، فيليس قائلاً: “كان هذا الكتاب أول أثر لاهوتي أدبي لحركة الإصلاح الفرنسية”، وهكذا أصبح “كالفن”، قائدًا لحركة الإصلاح البروتستاتني في فرنسا.
في جنيف ألزم المصلح “فاريل”، المصلح “كالفن” بالبقاء ليقود الإصلاح، وقد قبل كالفن ذلك، وعين محاضرًا للكتاب المقدس وراعيًا لكنيسة جنيف، وبالرغم من نجاحاته في مناقشة الأفكار الكاثوليكية والرد عليها، إلا أنه طرد هو و”فاريل” إلى ستراسبورج، حيث عين أستاذًا للاهوت وراعيًا للاجئين الفرنسيين، واستمر كالفن في الكرازة والخدمة الرعوية والكتابة، وقد تزوج وأنجب خلال هذه الفترة.
عرف مجلس مدينة جنيف قيمة “كالفن” وحاجتهم له للرد على رسالة “سادوليه Sadolet” رئيس أساقفة سويسرا التي كتبها لأهل جنيف، يدعوهم فيها إلى الرجوع إلى الكنيسة الكاثوليكية، فكتبوا إلى “كالفن” يرجونه العودة إلى جنيف، وقد كان، وكتب ردًا على سادوليه، أوضح فيه أن الكنيسة ليست مبنية على البابا؛ ولكن على الإنجيل فقط. كما تحدث في كتابه عن الفساد في الكنيسة.
عزم “كالفن”، على أن تكون جنيف مدينة مثالية، فأسس نظامًا كنسيًا يقوم على مجلس الشيوخ الكنسي، مشرفًا ومتعاونًا مع رعاة الكنيسة، كما أسس مجلسًا من شمامسة الكنيسة مهمته تدبيرية واجتماعية، كما أقام من المدارس وعلى راسها أكاديمية جنيف، التي استقطبت الكثير من الدارسين من أصقاع أوروبا، وتخرج منها الكثير ليصبحوا رعاة ناجحين ومؤثرين، أينما وجدوا.
قدم “كالفن” في عام 1541م، دستورًا كنسيًا يشرح فيه الكثير من الأمور العقائدية مثل العماد والعشاء الرباني، والعملية كالزواج وحرية اختيار شريك الحياة بعيدًا عن إرغام الأهل وتدخلاتهم، كما أكد على المساواة بين الرجل والمرأة، كما طوَّر النظام الإداري لإدارة الكنيسة المحلية، تكلم فيه عن الرعاة، والمعلمون، والشيوخ والشمامسة.
لم تكن حياة “كالفن” وخدمته بالسهلة، فقد وجد الكثير من الصعوبات والمعوقات، ودخل في صراعات عقائدية مع كل من “جيروم بولسك Gerome Bolsec“، حول عقيدة الاختيار، وسباستيان كاستلو Sebastien Castellion“، حول بعض المفاهيم اللاهوتية ووحي الكتاب المقدس، و”ميشيل سرفه Michel Servt” حول عقيدة الثالوث.
وخلال حياته وخدمته في جنيف التي استغرقت ثلاثة وعشرين عامًا راى “كالفن” الكثير من ثمار عمله وخدماته، وتحولت المدينة إلى مدينة مثالية، مشهودًا لها بنظامها، ومسيحيتها، متمسكة بمبادئ الإصلاح، وملجأً لكل مضطهد، سواء هولنديًا أو فرنسيًا أو ألمانيًا، أو اسكتلنديًا، وهكذا استطاعت أفكار كالفن تسيطر على حركة الإصلاح في كل هذه البلدان، لذا فلا غرابة غن عاش”كالفن” أواخر أيامه كالحاكم الفعلي لمدينة جنيف، وزعيمًا حقيقيًا لحركة الإصلاح.
كتب “كالفن” العديد من الكتب، وإن كان أهمها كتاب “مبادئ الديانة المسيحية” الذي جاء في أربع طبعات، كان آخرها عام 1559م، والتي تعتبر مرجعًا معتبرًا للقواعد والعقائد الإنجيلية، وقد جاءت هذه الطبعة في أربعة مجلدات، يتناول في الأول منها عن معرفة الله الخالق، ويتناول في الثاني معرفة الله الفادي في المسيح، أما الكتاب الثالث والرابع فيتناول فيهما كيفية نيل نعمة المسيح، ووسيلة نوال هذه النعمة. كما كتب تفسيراً لكل أسفار الكتاب المقدس؛ ما عدا سفر الرؤيا؛ كما كتب كتيبًا ضغيرًا لكنه هامًا جدًا وهو “مقالة صغيرة في العشاء الرباني”، وقد وصلت جملة مؤلفاته تسعة وخمسون كتابًا مطبوعًا، كما وعظ عددصا غير محدود من العظات الكتابية من كلا العهدين.
عانى “كالفن” في الفترة الأخيرة من بعض الأمراض واعتلال صحته، التي لم تؤثر على خدمته حتى أخر نفس من حياته، حتى رقد يوم 27 مايو 1564م.
- جون نوكس John Knox
جون نوكس (1514 ـ 1572)، مصلح ديني أسكتلندي حركة الإصلاح البروتستانتي كانت له اليد الطولى في نقل البلاد من الكاثوليكية إلى البروتستانتية.
ولد “نوكس”، بقرية “جيفارد Giffard“، عام 1505م، لأسرة ريفية ميسورة الحال، ساعدته أن ينال قسطًا وافرًا من التعليم.
حصل “نوكس” على ليسانس الفلسفة واللاهوت من جامعة جلاسجو، واصبح كاهنًا قبل أن يصل للسن القانوني.
بدأ “نوكس” نشاطه عام 1542م، ولم تمض 5 سنوات حتى أعترف به مبشرًا عنيدًا ضد البابوية، فاتهمه البابا بالهرطقة وسجن مدة في فرنسا وعمل في إحدى سفن العبيد نحو سنة ونصف.
في عام 1559م، عاد “نوكس” إلى اسكتلندا وأسس الكنيسة المشيخية التي ألغت سلطة البابا، ومن ثم أصدر عام 1560م، كتاب “سياسة الكنيسة” وهو أساس تنظيم الكنيسة المشيخية، وقد كان “نوكس” مشيرًا للمصلح “كالفن” في أمور الكنيسة، وتلميذًا له في نفس الوقت، وقد عمل “نوكس”، على الترجمة الإنجليزية للكتاب المقدس الخاص بجنيف.
أصدر “نوكس” منشوراً ضد النساء، كان موجهً ضد ملكة إنجلترا ونائبة ملك إسكتلندا، وقد رد كالفن عليه في حينه.
رقد “نوكس”، في 24 نوفمبر عام 1572م مخلفًا كتابًا من أبرز الكتب التي وضعها تاريخ الإصلاح الديني في اسكتلندا.
- مارتن بوتسر Martin Baucer
مارتن بوتسر (1491 ـ 1551)، مصلح ألماني، بدأ كراهب دومينكاني عام 1506، إلا أنه تعرف على لوثر عام 1518 وبعد ثلاث سنوات من هذا التعارف ترك نذوره الرهبانية وتزوج وهو من أوائل من فعلوا هذا من المصلحين، أصبح واعظًا وقائدًا للإصلاح البروتستانتي في استراتسبرج حيث أثر على كالفن، وبقي “بوتسر” في هذه المدينة مدة عشرين سنة حتى أصبح تأثيرة خارجها أهم كرجل من رجال الدولة مهتم ومحب للسلام، فشارك في كتابة العديد من دساتير الكنائس المصلحة وحاول الإصلاح ما بين لوثر وزوينجلي في اختلافهما حول عقيدة العشاء الرباني لكنه فشل، وكان يؤمن بأن المسيح يحضر روحيًا في المائدة المقدسة ونختبر هذا الحضور روحيًا أيضًا، ويعتقد أن كالفن أخذ عنه هذه الفكرة في شرح عقيدة العشاء الرباني.
في أواخر حياته ذهب إلى انجلترا حيث أصبح أستاذًا في جامعة كامبريدج. ويُذكر أنه كتب العديد من التفسيرات الكتابية.
- جوليوم فاريل Guillaume Farel
وليم فاريل (1489 ـ 1565)، مصلح فرنسي/ سويسرى، ولد عام 1489م، لأسرة كاثوليكية خالصة، فنشأ كاثوليكيًا، لكنه تميز بعقل ناقد، وضمير ثاقب، في عام 1510م، ذهب إلى باريس وهناك تأثر بمعلمه لافيفر، الذي قاده لدراسة الكتاب المقدس وتعلم اللغة العبرية واليونانية، كما تعلم عن التبرير بالإيمان العقيدة التي انتشرت بفرنسا عام 1512م، ولما اشيد الاضطهاد الكاثوليكي على نواة الإصلاح البروتستانتي الناشئ، في عام 1524م، لجأ “فاريل” إلى سويسرا، وهناك بدأ الإصلاح قبلما يأتيها “كالفن” هاربًا ولاجئًا أيضًا، كان “فاريل” صاحب شخصية قوية حيث ألزم كالفن بالبقاء معه في جنيف من أجل الإصلاح فساهما معًا في تحويل المدينة إلى “روما البروتستانتية” كتاباته قليلة ومنها كاتب عن “الصلاة الربانية” وكتاب عن “العشاء الرباني”.
- هنريش بولينجر Henrich Bullinger
هاينريش بولينجر (1575 ـ 1504)، مصلح سويسري، أنه ابن لكاهن كاثوليكي، تزوج من ابنة المصلح “زونجلي”، وقد أكمل ما بدأه ” زونجلي”، مدافعًا عن حرية الرعاة تجاه السلطة المدنية، كما وضع نظام للرعاة وللسنودسات، وقد أظهرت هذه التجارب مهاراته التنظيمية والقيادية.
نظم كنيسة زيورخ، ووحد الكنتونان السويسرية، أصدر قانون الإيمان السويسري الأول عام 1536م، وقانون الإيمان السويسري الثاني 1566م، برز كمستشار للكنيسة المصلحة عمومًا، وترك عدد هائل من التفاسير والرسائل والعظات، الأمر الذي دفع المتخصصين لاعتباره من أبرع لاهوتي عصر الإصلاح.
ختامًا
إن الإصلاح حركة لا تنتهي، فهناك الكثير من المصلحين الذين أتوا بعد ذلك العصر وعملوا على بث الروح من جديد في كنيسة المسيح، فهناك سحابة من الشهود نذكر منها: “جوناثان إدوارد” “1703 ـ 1758”
، و”جون وسلي” (1703 ـ 1791)،
و”جورج هوايتفيلد”(1714 ـ 1770)،
و”تشارلز سبرجن” (1834 ـ 1892)،
و”كارل بارت” (1886 ـ 1968)،
و”سي إس لويس” (1898 ـ 1963)،
و”صموئيل حبيب” (1928 ـ 1997).
وإذا تأملنا في عصرنا الحالي نجد الكثير من القادة العظام الذين يعملون عمل الرب بأيدٍ غير مرتخية ويقودون الكنيسة حسبما أراد المسيح لكنيسته أن تكون.
إن كنيسة اليوم تدين بالشكر، لله ولروحه القدس أولاً، وثانيًا لجميع هؤلاء الرواد والقادة وزعماء الإصلاح، الذين حافظوا على الإيمان ونور الإنجيل حتى تكون الكنيسة بحق نور يضيء للعالم.
فتحية لهؤلاء الُمصلحين جميعًا.