1ـ كلوديوس الإسباني
- كان كلوديوس يعمل مفسرًا للكتب في البلاط الملكي الإسباني، وقد رقاه الإمبراطور عام 814 م، ليكون أسقفًا على توران، وعندما وصلها وبدأ خدمته فيها، وجد أن الكنائس ملأى بالصور والأيقونات، ومزخرفة بالأزهار والأكاليل، فأمر في الحال بنزع كل هذه المظاهر والصور بما فيها الصلبان، مُعلنًا أن عبادة مثل هذه الأشياء ما هي إلا تجديد لعبادة الشيطان، وبديلاً عن التبشير بقيامة المسيح المجيدة الظافرة
- كان كلوديوس صوتًا إصلاحيًا متقدمًا بقرون على حرك الإصلاح الإنجيلي في القرن السادس عشر، لكنه كان مدافعًا عن واحدٍ من مبادئ الإصلاح الشهيرة، هو “مجد الله وحده”، لذا أُطلق على هذا المُصلح “وكليف” القرن التاسع، لقد كان مُصلحًا شجاعًا، جسورًا، إذ أعلن أن وظيفة بطرس الرسول انتهت بانتهاء حياته، لذا لم يخش هذا الرجل أي حرمانات أو تهديد بابوي، وقد تبع هذا المُصلح وتأثر به الكثير من كهنة ما وراء جبال الألب، ويلإشار إلى أن العداء الذي بدأ ضد الكنيسة الرومانية وفساد الباباوية لدى سكان هذه المناطق يعود لتعاليم هذا المُصلح.
2. جيرارد الفرنسي Gerard of France
بدات هذه الدعوة من منطقة اللورين غربي فرنسا، وذلك في منتصف القرن العاشر، حيث أسس أحد المصلحين واسمه جيرارد حركة إصلاحية، وكنيسة صغيرة بالقرب من نامور عام 914م، والحق بها ديرًا، ذو نظام خاص، ومع أن هذه الحرك ظلَّت محلية، إلا أن رجال الإكليروس قاوموا هذه حرك الإصلاحية، لأنها لم تكن في مصلحتهم، ذلك، الرائع في الأمر، أنه في ذات الفترة الزمنية، ومن قلب فرنسا، كان “وليم التقي” دون اكوتين، نموذجًا أخر للإصلاح حتى أنه أسس دير كلوني Cluny Abbey ن عام 910م، والذي خرجت منه حركة إصلاحية هدفت إلى دعوة أوروبا إلى المسيحية، وكان جزءًا من أقوى مؤسسة دينية وأوسعها نفوذًا شهدتها أوروبا في ذلك الوقت. ولقد وضع رهبان هذا الدير ومؤسسته، خطة عامة وشاملة للإصلاح الديني والكنسي، كانت تقوم هذه الخطة على ضرورة إعلان الحرب على السيمونية التي أوصلت إلى المناصب الكنسية من هم غير أهل لها، ومن ثم تطهير حياة رجال الإكليروس الشخصية من الخطايا التي كانوا مستعبدين لها، وقد بدأ هؤلاء الرهبان المُصلحون تنفيذ برنامجهم اعبارًا من تولي البابا ليو التاسع Leo Iv، ومن بعده بعض الباباوات كان المصلحين والذي يقف عى رأسهم البابا غريغوريوس السابع Gregory vII ، الذي قاد بنفسه حرك إصلاحية رائعة.
كان هؤلاء المصلحون يعتقدون أنه لو تمكنوا من تنفيذ هذين البندين، فإنهم سيحققون قدرًا كبيرًا من الإصلاح بتحرير الكنيسة من روح العالم.
3. برنارد الكليرفوي Bernard of Claivaux
عاش برنارد (1090 ـ 1153)، وقد استقى برنارد من أمه التقوى ومن أبيه الفروسية. بعد وفاة أمه، دخل غلى دير الرهبان السيسترين واتبع نظام التقشف الصارم، فكان يقلص أوقات راحته ويزيد أوقات العبادة والتأمل. كان واعظًا مقتدرًا ومؤثرًا، التزم بإصلاح الكنيسة من الداخل، أسس ديرًا جديدًا في شرق فرنسا حمل اسم “دير كليرفو”، وقد تأثر كثيرً من الرهبان بشخصية برنارد، ولم يقف تأثير شخصيته عند حدود دير كليرفو، ولكنه تخطى أسوار الدير حتى بلغ كل أوروبا ومع أن هذا الدير لم يكن يمتلك شيئًا من الممتلكات أو الأموال إلا أنه حاز شهرة كبيرة. وبسبب تيز ونقاء حياته، قصده الناس يلتمسون النصح والهدايّة، فقدم العون للجميع، واستوي لديه الغني والفقير، لم يُحاب الوجهاء ولم يخش السلاطين والملوك، كتب رسائل وبَّخ فيها الملوك والباباوات على عدم الالتزام بمسؤولياتهم، رقد عام 1153، واعتبرته الكنيسة الكاثوليكية قديسًا عام 1147م، وقد نال إعجاب كل من لوثر وكالفن فيما بعد.
4. بطرس البرويسي peter Bruys
بدأت دعوة بطرس البرويسي الإصلاحية عام 1110م، كان بطرس قرأ الإنجيل وتاثر بأقوال وتعاليم المسيح، فعلم بأهمية عبادة الله بالروح والحق، وبأهمية المعمودية كخطوة تالية للإيمان، وبالتالي فهو لم يعترف بمعمودية الأطفال، وطالب بإعادة المعمودية شرط إعلان التوبة والحياة بالإيمان وفق الإنجيل، لم يؤمن بعقيدة العشاء الرباني وفق الكنيسة الرومانية، ولم يؤمن بكافية الصلاة لخلاص الموتى، كما اعترض على العبادة الطقسية والقداديس، وعلى المباني الفخمة للكنائس، بقولة: “ليس هناك ما يدعو للتفنن في إقامة المباني الفخمة، الله روح، ولا يهمه المظهر في شيء، وكل ما يهمة هو القلب النقي والروح المنسحق؛ إن الإنسان يستطيع أن يعبد الله في أي مكان في سوق أو دكان، وهو يصغى لنا ويكون معنا هناك تماماً كما لو كنا في كنيسة”.
خدم لمدة تزيد على العشرين عاماً في كل من رفانس ولا نجدك وجنوبي فرنسا، كان يعظ بحرارة وينتقد العبادة المظهرية التي تعتمد على مخاطبة العاطفة، وقد آمن بدعوته وانضم إليه الكثير وتعمدوا على يديه ثانية.
وفي عام 1224م، وأثناء وجوده في لانجدك وبتحريض من الكهنة قبضوا عليه ووضعوه فوق خازوق وأشعلو فيه النيران.
5. هنرى الكلوني Henry of Cluny
هو نفسه هنري دي لوزان Heny of Cluny، أحد رهبان دير كلوني الشهير، وأثناء رهبانيته كرس نفسه لدراسة العهد الجديد، وإذا أدرك حقيقة الإيمان المسيحي، والحياة المسيحية كما أظهرتها له كلمة الله، ترك الدير ليتنقل من بيت لبيت واعظاً ومعلماُ الناس الحياة الروحية وكان ينادي بضرورة حياة التوبة، وأهمية العودة إلى الله، كما كان من وقت لأخر يهاجم فساد الإكليروس، ولم يمض وقت طويل، حتى قبض عليه، وأدين بالهرطقة أمام مجمع بيزا 1134م، وقد هرب هنرى وعاد إلى لانجدك ليعظ ويعلم وينادي بالتوبة حتى قبض عليه وأودع السجن ومات فيه عام 1148م.
6. الكاثريون The Cathari
الكاثريون، ومعناها “الأطهار” أو كما كان يطلق عليها “جماعة الألبينيون”، نسبة إلى “منطقة نشأتهم، والتي كانت ضمن أعمال مقاطعة لانجدك جنوبي فرنسا، ويعتقد البعض أن هذه الجماعة امتداداً لعصر الرسل حيث توارث أعضائها الإيمان ومبادئ الحياة المسيحية الطاهرة، ويعتقد البعض الآخر أنهم امتدادًا للمسيحية الغنوسية، لإيمانهم بنوع من “الثنائية”، وقد شهد عنهم القديس برنارد الذي عاصرهم وعرف عظمة ونقاء حياتهم، مع أنه قاومهم ظنًا منه أنهم أعداء البابا، فقال: “إن سألت عن إيمانهم فليس هناك ما يمكن أن يكون أكثر نقاوة، ما يقولونه بالفم يحققونه بالعمل، فترى الواحد منهم لا ينقطع عن الكنيسة، يكرمون الشيوخ، يقدمون عطاياه، يداومن على الاعتراف والشركة، أما من حيث الحياة والسلوك فلا يغشون إنساناً، ولا يأكلون خبز الكسل، بل يشتغلون وبأيديهم يكسب قوتهم”.
جيش البابا إينوسنت الثالث، وخلفه البابا هونريوس الثالث، ضدهما الجيوش وأطلقا حملة صليبية للتخلص منهم وإبادتهم، وكانت جل جريمتهم تتلخص في إنكارهم لسيادة البابا، وسلطان الكهنوت، والأسرار السبعة كما تُعلمها كنيسة روما، وهكذا انطلقت الحروب التي عرفت باسم الحروب الألبينية، ولم تنته حتى أبادت تلك المعارك بالخلاص مع الألبينين، في معاهدة لانجدك عام 1229م.
ولأن رجال روما أدركوا أن الكتاب المقدس هو المصدر الأصلي لآراء ومعتقدات جماعة الألبينيين، فقد عقدوا مجمع تولوز في نفس السنة، الذي أطلق محاكم التفتيش رسمياً، وقرر منع قراءة الكتاب المقدس بعهديه للعمانين، وإتاحة كتاب المزامير أو الأجبية، أو ساعات العذراء مريم، كما منع هذا المجمع منعاً تامًا أي محاولة لترجمة الكتاب المقدس أو أي جزءمنه إلى أية لغة من اللغات الدارجة.