قوانين الإيمان

إقرار الإيمان للكنيسة المصلحة في فرنسا 1559م

إقرار الإيمان للكنيسة المصلحة في فرنسا 1559م

لمحة تاريخية

 عانت الحركة الإنجيلية في فرنسا اضطهادات مريرة قاسية في القرن السادس عشر. وقد ظهر أول اعتراف إيمان إبان الاضطهادات التي حصلت في باريس في شهر أيلول من سنة 1557م حين القي القبض على خمسة وثلاثين عضو من الكنيسة الإنجيلية في المدينة وأعدم سبعة منهم على الفور. فكتب الإنجيليون رسائل إلى إخوانهم في سويسرا

يحثونهم فيها على التدخل لدى ملك فرنسا ليوقف الاضطهاد. وأرسلوا أيضا إلى جون كلفن في جنيفا بيانا موجزا عن إيمانهم في ثمانية عشر فصل مع مقدمة إلى الملك فرنسا، وكان قد طلب مرارا في السابق من كلفن ان يصوغ اعتراف إيمان الإنجيليين في فرنسا الا انه لم يكن يحبذ ان يتفرد إنسان واحد بكتابة اعتراف إيمان. والمرجح ان ما صدر عنه كان عملا مشتركا ضمه هو وتيودور بيزا Th Bezaوبيار فيريه P. Viret. وقد صاغ هؤلاء خمسة وثلاثين بندا أو فصلا وضموا إليها ما كان قد أرسله إليهم الإنجيليون الفرنسيون سنة 1557م. وحين هدأت الاضطهادات في 1558-1559م دعت الكنيسة الفرنسية الإنجيلية إلى مجمع عام لكل كنائسها لغرض وضع دستور للكنيسة الإنجيلية في فرنسا على أساس اعتراف واحد للإيمان. وهكذا فقد اجتمع سريا 20 مندوبا يمثلون 72 كنيسة في أيار 1559م في بيت خاص في باريس. وبعد أربعة أيام من المداولات تبنى المجتمعون النص الذي وصلهم من جنيفا مع بعض التعديلات القليلة فأصبحت الفصول 40 بدل من 35. وقُدم هذا الاعتراف سنة 1560م إلى الملك فرنسا، فرنسوا الثاني، مرفقا بمقدمة بليغة من كنيسة مضطهدة تستصرخ عدله. وقد تبنت هذا النص كل كنائس فرنسا الإنجيلية سنة 1571م في المجمع الوطني المنعقد في لا روشيل La Rochelleلذلك يدعى أيضا “اعتراف لا روشيل”. ثم اعتراف به في ألمانيا في مجمعي فيزل Weselسنة 1568م وأمدن Emdenسنة 1571م. وقد اثر هذا الاعتراف بالكنائس المصلحة في هولندا واسكتلندا وإنكلترا. وأعيد تأكيده سنة 1936م من قبل الكنائس المصلحة في فرنسا. وكتب النص الأصلي باللغة الفرنسية.

 

اعتراف الإيمان للكنيسة المصلحة في فرنسا 1559م

 

1- الله

نؤمن ونعترف باله واحد، بسيط في جوهر واحد، روح، أبدي، لا يرى ولا يتغير، غير متناه، لا يدرك ولا يوصف، كلي القدرة، كلي الحكمة، كلي الصلاح، كلي العدل وكلي الرحمة.

 

2- كشف الله لذاته

هذا الإله يكشف ذاته للبشر: أولا، في أعماله وفي خلقه إياهم وأيضا في حفظهم وضبطهم. ثانيا، وبشكل واضح، في كلمته التي أعلنها في البدء في أقوال ثم دونت في كتب ندعوها الأسفار المقدسة.

 

3- الكتاب المقدس

هذه الأسفار المقدسة تؤلف في مجملها الكتب القانونية للعهدين القديم والجديد كما يلي: اسفار موسى الخمسة، أي التكوين والخروح واللاوين والعدد والتثنية، ثم يشوع والقضاة وراعوث وصموئيل الأول وصموئيل الثاني والملوك الأول والملوك الثاني وإخبار الأيام الأول وأخبار الأيام الثاني وسفر عزرا الأول، ثم نحميا وسفر استير وأيوب ومزامير داود وأمثال سليمان وسفر الجامعة ونشيد الإنشاد، ثم اشعياء وارميا ومراثي ارميا وحزقيال ودانيال وهوشع، يوئيل وعاموس وعوبديا ويونان وميخا وناحوم وحبقوق وصفنيا وحجي وزكريا وملاخي. ثم الإنجيل المقدس بحسب متى وبحب مرقس وبحسب لوقا وبحسب يوحنا. ثم سفر لوقا الثاني المسمى أيضا أعمال الرسل، ثم رسائل بولس، واحدة إلى اهل رومية واثنتان إلى اهل كورنثوس وواحدة إلى اهل غلاطية وواحدة إلى اهل افسس وواحدة إلى اهل فيلبي وواحدة إلى اهل كولوسي واثنتان إلى اهل تسالونيكي واثنتان إلى تيموثاوس وواحدة إلى تيطس وواحدة إلى  فيلمون. ثم الرسالة إلى العبرانيين ورسالة القديس يعقوب والرسالة الأولى والثانية للقديس بطرس ورسائل القديس يوحنا الثلاث ورسالة القديس يهوذا واخيرا رؤيا القديس يوحنا.

 

4- الكتاب المقدس دستور الإيمان

نعلم ان هذه الأسفار هي قانونية وهي دستور إيماننا الأكيد. ليس بسبب إجماع الكنيسة على قبولها بالدرجة الأولى بل بسبب شهادة الروح القدس الداخلية التي تمكننا من تمييز الأسفار المقدسة عن كتب كنيسة أخرى، التي وان كانت مفيدة فإننا لا نستطيع ان نبني عليها مبادئ الإيمان.

 

5- سلطة الكتاب المقدس

نؤمن بان الكلمة موجودة في هذه الأسفار منبثقة من الله ومنه وحده ينبع سلطانها، لا من البشر. وبقدر ما هي قاعدة كل حق إذ تحتوي على كل ما هو ضروري لخدمة الله ولخلاصنا لا يحق أي إنسان، ولا للملائكة، ان يضيف عليها أو يزيل عنها أو يغيرها. وبالتالي لا يحق لأي سلطة سواء قامت على أساس الأقدمية أو العرف أو العدد أو الحكمة البشرية أو أحكام أو إعلانات أو مراسيم أو قرارات أو مجامع أو رؤى أو معجزات ان تتعارض مع هذه الأسفار المقدسة. بل على العكس ان هذه الأسفار هي المرجع الأساسي لفحص كل الأشياء وضبطها وإصلاحها. ولذلك نحن نعترف بثلاثة قوانين للإيمان: قانون إيمان الرسل وقانون الإيمان النيقاوي- (القسطنطيني) وقانون الإيمان الاثناسي لكونها تطابق كلمة الله.

 

6- الثالوث القدوس

تعلمنا الأسفار المقدسة بأن الإله الواحد البسيط الجوهر الذي به اعترفنا هو في ثلاثة اقانيم: الآب والابن والروح القدس. الآب، السبب الأول، هو مصدر كل الأشياء وأصلها. الابن، وهو كلمته وحكمته الأزلية. الروح القدس، وهو قوته وقدرته وفاعليته. الابن مولود من الآب أزليا. والروح منبثق من الآب والابن أزليا. ان الاقانيم الثلاثة غير مختلطة وهي متمايزة لكنها غير منفصلة، من الجوهر ذاته، وهي متساوية في الأبدية والقدرة. وبهذا نقر بما ثبتته المجامع القديمة ونستنكر كل الشيع والهرطقات التي رفضها المعلمون القديسون أمثال القديس هيلاريوس والقديس اثناسيوس والقديس أمبروزيزس والقديس كيرلس.

 

7- الخلق

نؤمن ان الله في اقانيمه الثلاثة المتعاونة خلق بقدرته وحكمته وصلاحه الذي لا يدرك كل الأشياء، السماوات والأرض وكل ما فيهما وأيضا الأرواح غير المرئية، التي سقطت بعضها إلى الهلاك بينما استمر بعضها الآخر في الطاعة. ونؤمن ان الأرواح الساقطة عدوة لكل صلاح وبالتالي لكل الكنيسة. اما الأرواح الخيرة المحفوظة في نعمة الله فهي في خدمة تمجيد اسم الله وتعزيز خلاص المختارين.

 

8- عناية الله

نؤمن ان الله خالق الكل هو أيضا ضابط الكل، وهو الذي ينظم ويعين بإرادته السائدة كل ما يحدث في العالم، ولكنه ليس باعث الشر ولا هو المسؤول عنه، لأن إرادته هي القاعدة النهائية المعصومة لكل حق وعدل، وإنما لديه طرق عجيبة لاستخدام الشياطين والخطاة فيقدر ان يحول شرهم خيرا مع العلم انهم وحدهم مسؤولون عن الشر. واننا باعترافنا ان العناية الإلهية ترتب كل الأشياء ننحني بكل اتضاع امام الأسرار التي لم تعلن لنا ولا نسأل ما هو فوق إرادتنا لكننا نستخدم ما قد أعلن لنا في الكتاب المقدس من اجل سلامنا وسلامتنا، إذ ان الله الذي تخضع له كل الأشياء يعتني بنا عناية أبوية بحيث لا تسقط شعرة واحدة من رؤوسنا الا بمشيئته. وهو يضبط الشياطين وكل أعدائنا بحيث لا يستطيعون أذيتنا دون سماحه.

 

9- الإنسان

نؤمن ان الإنسان خُلق نقيا وكاملا على صورة الله، وانه سقط بإرادته وبذنبه من النعمة التي أعطي، وهكذا تغرب عن الله، مصدر البر وكل صلاح. فصارت طبيعته فاسدة تماما. وبما ان عقله أعمي وقلبه افسد فقد أضاع كل كمال ولم يعد هناك صلاح فيه. ومع انه مازال قادرا على التمييز بين الخير والشر فاننا مع ذلك نعتقد ان نوره يضحي ظلاما حين يطلب الله فلا يستطيع الاقتراب منه بإدراكه وعقله أبدا. ومع انه مازال يملك الإرادة التي تحثه على فعل هذا أو ذاك فانها أسيرة الخطية كليا حتى انه لا يملك فعل الخير الا بقدر ما يعطيه إياها الله.

 

10- الخطيئة الوراثية

نؤمن ان ذرية آدم كلها مستعبدة للخطيئة الأصلية، وهي شر متوارث من آدم لا مقلد له فحسب، كما يقول أتباع بلاجيوس الذي نمقت أخطائهم ولا نعتبر من الضرورة ان نبحث في كيفية انتقال الخطيئة من إنسان لآخر لأن ما أعطاه الله لآدم لم يكن له وحده بل لكل ذريته، لذا ففي شخص آدم حُرمنا من كل الأشياء الصالحة وسقطنا معه إلى حالة الخطيئة والشقاء.

 

11- قوة الخطيئة

نؤمن ان هذا الشر (المتوارث) هو حقا خطيئة تكفي لدينونة كل الجنس البشري حتى الأجنة في أرحام أمهاتهم، وان هذه هي نظرة الله للخطيئة. وتبقى الخطيئة الأصلية خطيئة حتى بعد المعمودية ولكن الدينونة تزول عن أولاد الله بسبب نعمته ومحبته المجانيتين. ونؤمن ان الخطيئة هي حالة انحراف تثمر الحقد والتمرد باستمرار حتى ان معظم القديسين وان قاوموها يبقوا ملطخين بضعف وبنقائص كثيرة في هذه الحياة.  

 

12- الإختيار الهي في يسوع المسيح

نؤمن ان الله بمشورته الأبدية الثابتة يدعو من هذه الحالة من الفساد والدينونة التي أصابت الجنس البشري هؤلاء الذين اختارهم بجوده ورحمته في يسوع المسيح دون اعتبار أعمالهم ليظهر فيهم غنى رحمته، تاركا الباقين في الفساد والدينونة ليظهر بهم عدله. فالمختارون ليس أفضل من المتروكين ولا العكس إلى ان يظهر فيهم قصد الله الثابت المقرر في يسوع المسيح من قبل تأسيس العالم. ولا يستطيع أي إنسان ان ينال مكافأة كهذه من ذاته لأننا بالطبيعة لا نملك أي شعور أو ميل أو فكر صالح ما لم يضعه الله أولا فينا.

 

13- الخلاص في المسيح

نؤمن ان كل ما هو ضروري لخلاصنا قد قُدم وأُعلن لنا في المسيح يسوع، فهو قد أعطي لنا لأجل خلاصنا و”صار لنا حكمة من الله وبرا وقداسة وفداء”[2]. ولذا فان رفضناه ننكر رحمة الآب، ملجأنا الوحيد.

 

14- التجسد

نؤمن ان يسوع المسيح، حكمة الله وابنه الأزلي، اتخذ جسدنا ليكون إلها وإنسانا في شخص واحد. فهو إنسان مثلنا خاضع لمعانات الجسد والروح ولكنه منزه عن لطخة الخطيئة. وهو إنسان من نسل إبراهيم وداود مع انه حبل به بقوة الروح القدس السرية. وفي هذا نمقت كل الهرطقات التي أثارت الاضطراب في الكنيسة قديما، وخصوصا أوهام سرفيتوس الشيطانية الذي ينسب إلى الرب يسوع ألوهية عجيبة غريبة داعيا إياه فكرة كل الأشياء ومثالها وابن الله الشخصي أو المجازي، ناسبا إليه أيضا جسدا مكونا من ثلاثة عناصر غير مخلوقة، وبذلك يخلط الطبيعتين ويزيلهما.

 

15- طبيعتان في شخص واحد

نؤمن انه بشخص واحد، أي في يسوع المسيح، تجتمع الطبيعتان وتتحدان فعلا وبدون انفصال، ومع ذلك تبقى لكل طبيعة خصائصها المميزة، فتحافظ الطبيعة الإلهية في هذا الاتحاد على صفاتها: غير مخلوقة وغير متناهية وتعم على كل شيء. وكذلك الطبيعة البشرية تبقى محدودة، لها صورتها وقياسها وصفاتها. ومع ان يسوع المسيح في قيامته من الأموات وهب صفة الخلود لجسده فانه لم يحرمه طبيعته الحقيقية، لذا فإننا نعتبر ان ألوهيته لا تنتقص من إنسانيته.

 

16- هدف التجسد

نؤمن ان الله بإرساله ابنه قصد إظهار محبته وجوده الفائق لنا، باذلا إياه للموت لإكمال كل بر ومقيما إياه من الأموات ليؤمّن لنا الحياة السماوية.

 

  1. مصالحتنا مع الله

نؤمن بأننا صولحنا مع الله بالذبيحة الكاملة التي قدمها الرب يسوع على الصليب وتبررنا أمامه. لأننا غير مقبولين لديه ولا ننال نعمة التبني الا بقدر ما يغفر (كل) خطايانا ويمحوها محوا تاما. لذلك نصرح بأننا بالمسيح نطهر ونتكمل، وبموته تبررنا تبريرا كاملا وبواسطته وحده نتحرر من آثامنا وتعدياتنا.

  1. التبرير نعمة

نؤمن ان تبريرنا يستند على غفران الخطايا وفي ذلك كل سعادتنا كما يقول المرنم وفي المزمور 2:32. وبالتالي نرفض كل الوسائط الأخرى للتبرير امام الله. إذ نركن فقط إلى الطاعة التي أطاعها يسوع المسيح دون ان ندعي أي فضل أو استحقاق، تلك الطاعة التي تُنسب لنا لتطهيرنا من خطايانا ولنجد نعمة وقبولا في حضرة الله. وبالحقيقة نؤمن أننا إذا ابتعدنا ولو قليلا عن هذا الركن لن نجد راحة في أي مكان آخر بل نبقى مضطربين. فإننا لن نكون في سلام مع الله الا حين نقبل ان يحبنا يسوع المسيح لأننا في ذواتنا نستحق البغض.

  1. الصلاة بواسطة المسيح

نؤمن ان بهذه الوساطة لنا الحرية والامتياز ان ندعو الله واثقين من تعامله معنا كأب. لأن لا اقتراب لنا لآب  الا بهذا الوسيط، ولكي يستجاب لنا باسمه علينا ان نجعل حياتنا خاضعة تحت لوائه.

  1. التبرير بالإيمان

نؤمن بأننا جُعلنا شركاء هذا البر بالإيمان وحده، كما قيل انه تألم من اجل خلاصنا “لكي لا يهلك كل من يؤمن به”[3]. وهذا يحدث بقدر ما نستعين بالاستفادة من وعود الحياة المعطاة لنا فيه، ونشعر بأثرها حين نقبلها واثقين من ثباتنا في كلمة الله واكيدين من صحتها. لذا فان التبرير الذي لنا بالإيمان يعتمد على الوعود المجانية التي بها يعلن الله عن محبته لنا ويشهد لها.

  1. هبة الإيمان

نؤمن اننا نستنير في الإيمان بقوة الروح القدس السرية وان الإيمان هبة مجانية خاصة يمنحها الله لمن يشاء، لذلك ليس للمختارين أي مدعاه للفخر بل هم ملزمون بالشكر المضاعف لكونهم فضلوا على غيرهم. ونؤمن أيضا ان الإيمان لا يعطى للمختارين لإدخالهم إلى السبيل الصحيح فحسب بل أيضا لتأمين استمرارهم فيه حتى النهاية. فكما ان الله هو بادئ العمل فهو مكمله أيضا.

  1. حياة التجديد والأعمال الصالحة

نؤمن اننا نولد بالإيمان إلى حياة جديدة بعد ان كنا خاضعين بالطبيعة للخطيئة. فبالنعمة ننال الإيمان لنحيا في قداسة وفي مخافة الله بقبولنا الوعد المعطى لنا في الإنجيل الا وهو ان الله يعطينا روحه القدوس. ولا يعوقنا هذا الإيمان أبدا عن طهارة الحياة أو يحولنا عن حب الصلاح، بل على العكس انه يولد فينا كل عمل صالح. وبالرغم من ان الله يعمل فينا لأجل خلاصنا ويجدد قلوبنا لما هو صالح فاننا نعترف ان الأعمال الصالحة التي نعمل صادرة من روحه ولا يمكن ان تحسب لنا برا أو ان تخولنا للتبني لأننا ينبغي دائما في حالة شك وقلق في قلوبنا إذا لم نركن إلى الكفارة التي حررنا بها يسوع المسيح.

  1. مكانة الشريعة والأنبياء

نؤمن ان بمجيء يسوع المسيح أكملت طقوس الشريعة وانتهت، ولكن بالرغم من ان الشعائر لم تعد تستخدم الا ان جوهر الشريعة والحق الذي فيها يبقيان في ذلك الشخص الذي أتم الشريعة، واننا فضلا على ذلك نعتقد بوجوب الاستعانة بالشريعة والأنبياء من اجل توجيه حياتنا وتثبيتنا في وعود البشارة.

  1. تعاليم وممارسات مرفوضة

نؤمن انه لما كان يسوع المسيح شفيعنا الأوحد قد أوصانا ان نسأل الآب باسمه وبما انه غير جائز لنا ان نصلي الا بما يتفق مع تعاليم كلمة الله، فان كل مزاعم البشر عن شفاعة القديسين الموتى هي ضلال ومكيدة  شيطانية لتحويل الناس عن العبادة الصحيحة. ونرفض أيضا كل الوسائط الأخرى التي يحاول البشر ان يقتنوا بها فداء لأنفسهم امام الله لأنها تنتقص من ذبيحة يسوع المسيح وآلامه.

وأخيرا، نعتبر المطهر ضلالة من الصنع ذاته الذي أنتج النذور الرهبانية ورحلات الحج وحظر الزواج والامتناع عن أكل اللحوم والتقيد بطقوس لأيام معينة والاعترافات السرية وصكوك الغفران وكل الأشياء التي بواسطتها يحاول بعضهم ان يستحقوا الغفران والخلاص. نرفض كل هذه الأمور ليس فقط لكونها ترتبط بفكرة الاستحقاق بل أيضا لأنها بدع بشرية تستعبد الضمير.

  1. خدام الكلمة

لما كنا نتمتع بالمسيح بواسطة الإنجيل وحده نؤمن ان ترتيب الكنيسة المؤسس بسلطته مقدس ومنيع، وان الكنيسة لا يمكن ان تكون من دون رعاة للتعليم يجب ان نحترم ونصغي إليهم بوقار إذا كانوا مدعوين بالطريقة الصحيحة وخداما مخلصين. وليس هذا لأن الله ملزم بوسائل ثانوية كهذه بل لأنه شاء ان يستخدمها ليحكمنا بها. وبهذا نزدري كل الحالمين والرؤيويين الذين يودون، ان استطاعوا، ان يزيلوا خدمتي التبشير بالكلمة وإجراء السرين.

    10- حياة الإيمان كنسية

نؤمن انه لا يجوز ان ينعزل الإنسان المسيحي ويرضى ان يبقى وحده منعزلا، بل على الجميع ان يشتركوا معا في حفظ وحدة الكنيسة وفي الخضوع للتعاليم المعلنة ولنير يسوع المسيح في أي موضوع أسس الله فيه كنيسة حقة، وان كان الحكام وقراراتهم معارضة لها. فكل من لا يشترك في الكنيسة أو يفصل نفسه عنها يعارض كلمة الله.

     11- الكنيسة الحقة

مع ذلك نؤمن انه من الضروري التمييز بحذر وحكمة بين الكنيسة الحقة وغيرها لأن

هذا الاسم قد أسيء استعماله كثيرا. نقول إذن وبحسب كلمة الله ان الكنيسة هي شركة المؤمنين الذين يتفقون على إتباع كلمته والتقوى الطاهرة التي تعلمها، الذين يسيرون قدوما بها كل أيام حياتهم، ينمون فيها ويصيرون ثابتين في مخافة الله بقدر ما يشعرون بالحاجة للنمو والاندفاع إلى الامام. ومهما تكن جهودهم المستمرة فلا رجاء لهم الا بغفران خطاياهم. ولكننا لا ننكر بان بين المؤمنين يوجد مراؤون وهالكون ولكن شرهم لا يمكن ان يزيل اسم الكنيسة.

     12- الكنائس الباطلة

في هذا الاعتقاد نعلن انه لا كنيسة حيث كلمة الله لا تُقبل ولا يُصار إلى اعتراف بالخضوع لها ولا تُستخدم الأسرار. لذا فإننا ندين الاجتماعات البابوية لكون كلمة الله منفية عنها، ولكون أسرارها مفسدة أو مزيفة أو محطمة وفيها أوهام وعبادة أوثان. ففي اعتقادنا ان كل الذين يشتركون في هذه الأفعال يفصلون أنفسهم عن جسد المسيح ويقطعون صلته به. ومع ذلك، بما ان أثرا ما للكنيسة باق في البابوية، فيبقى أيضا جوهر المعمودية وقوتها لأن فعالية المعمودية لا تعتمد على الذي يعمد، لذلك نعترف بأن المعمدين فيها لا يحتاجون إلى إعادة معمودية. ولكن بسبب فسادها لا نستطيع ان نقدم أولادنا للمعمودية فيها دون التعرض للتلويث والفساد.

   17- أنواع الخدام

اما بالنسبة للكنيسة الحقة فنؤمن انه يجب ان تساس بحسب ما وضع ربنا يسوع المسيح. فيجب ان يكون فيها رعاة ومناظرون وشمامسة حتى يتخذ التعليم الحق مجراه، وتصلح الأخطاء وتقمع، وتسد حاجات المعوزين، وأيضا من اجل عقد الاجتماعات باسم الله ليتعلم ويتنور الكل على السواء.

– الرعاة متساوون تحت رأس واحد: المسيح

نؤمن بأن لكل الرعاة الحقيقيين، حيثما كانوا، السلطة نفسها تحت رأس واحد. أسقف واحد وحيد سيد وجامع، هو يسوع المسيح. وبالتالي فلا حق لأي كنيسة بأن تدعي السلطان أو السيادة على أي كنيسة أخرى.

– الدعوات للخدمة

نؤمن انه لا ينبغي ان يحاول شخص ان يسود في الكنيسة من سلطته الذاتية بل يجب ان ينبع ذلك من الاختيار بقدر الامكان وكما يأذن الله. ونضيف هذا الاستثناء خصوصا لأنه في بعض الأحوال وحتى في أيامنا الحاضرة، إذ قد تعثر وضع الكنيسة الحقة، رأى الله انه من الضروري ان يقيم أشخاصا بطريقة استثنائية ليجدد الكنيسة المتخبطة في الدمار والخراب. ومع ذلك نؤمن بان هذه القاعدة ملزمة: يجب على كل الرعاة والمناظرين والشمامسة ان يثبتوا دعوتهم للخدمة.

       18- الوحدة والتنوع بين الكنائس

تؤمن أيضا انه من المستحب والمفيد ان يستنبط المدبرون المنتخبون فيها بينهم الوسائل التي  يجب تبنيها لإدارة الجسد كله، شرط ان لا يحيدوا عما رسمه ربنا يسوع المسيح، وهذا لا يمنع أبدا من ان يكون هناك أنظمة وفرائض خاصة بأماكن معينة، كما هو ملائم.

الأنظمة الكنسية

لكننا نرفض كل البدع البشرية وكل القوانين التي يدخلها البشر تحت ستار خدمة الله، والتي بواستطها يقيدون الضمائر، ونقبل فقط كل ما من شأنه ان يقود إلى الوئام ويحفظ الجميع في الطاعة من كبيرهم إلى صغيرهم. وفي هذا علينا إتباع ما صرح به الرب يسوع المسيح فيما يتعلق بالحرم الكنسي، فنحن نقبل به ونعترف بأنه ضروري في شروطه ونتائجه.

– ماهية الأسرار

نؤمن ان الأسرار أضيفت إلى الكلمة لأجل زيادة في التثبيت لكي تكون لنا عربون نعمة الله وختمه، وعونا وعزاء لإيماننا بسبب الضعف الذي فينا، وبأنها علامات خارجية يعمل الله بروحه من خلالها لأنه لا يستخدم العلامات عبثا. ولكننا نعتبر بأن جوهر الأسرار وحقيقتها هما في يسوع المسيح وبأنها في حد ذاتها ليست سوى دخان وخيال.

– سر المعمودية

نعترف بسرين فقط للكنيسة ككل: الأول، هو المعمودية وهي عربون التبني لأن بها نلحم بجسد المسيح كي نُغسل ونُطهر بدمه لنتجدد في نقاوة الحياة بروحه القدوس. ونعتقد أيضا بأنه على الرغم من اننا نعمد مرة واحدة فان الربح الذي ترمز إليه المعمودية يطال كل حياتنا ويستمر إلى مماتنا، فلنا إذا شهادة ثابتة ان يسوع المسيح هو أبدا برنا وقداستنا. ومع ان المعمودية هي سر الإيمان والتوبة فإننا نقول بناء على سلطة المسيح بوجوب منحها لأولاد المؤمنين لأن الله يدعو الأولاد الصغار إلى الكنيسة مع والديهم.

– سر العشاء الرباني

نعترف ان العشاء الرباني، السر الثاني، هو شهادة الاتحاد الذي لنا بالمسيح، الذي مات وقام من اجلنا مرة واحدة وأيضا يغذينا حقا بجسد ودمه لكي نكون واحدا فيه وتكون حياتنا شركة. وبالرغم من كونه في السماء حتى يجيء ليدين كل الأرض فإننا نؤمن بأنه يغذينا ويقوينا بجوهر جسده ودمه بقوة روحه السرية التي لا تدرك. نؤمن ان هذا يحدث روحيا، لا لأننا نضع التخيل والأوهام مكان الواقع والحقيقة، بل لأن عظمة هذا السر تفوق إدراك حواسنا وقوانين الطبيعة، وباختصار لأنه سر سماوي لا يمكن ان يدرك الا بالإيمان.

– فاعلية الأسرار

نؤمن كما سبق وقلنا، ان الله يعطينا في العشاء الرباني- كما في المعمودية- حقا وفعلا ما يضعه أمامنا، وبالتالي فانه يمنحنا في هذه العلامات ان نمتلك ونستمتع حقا بما تمثله لنا. لذا فان جميع الذين يتقدمون كإناء إلى مائدة المسيح المقدسة بإيمان طاهر ينالون حقا المشار إليه في العلامة، لأن جسد المسيح ودمه مأكل ومشرب للنفس كما الخبز والخمر هما غذاء للجسد.

– ضرورة الأسرار

لذلك نعتقد بأن الماء مع كونه عنصرا واهنا يشهد لنا بالحقيقة عن اغتسال نفوسنا الداخلي في دم يسوع المسيح بقوة روحه، وان الخبز والخمر الممنوحين لنا في السر مشربنا. ولذا نرفض مذهب المتحمسين الذين يقللون من شأن الأسرار ويرفضون قبول هذه العلامات والإشارات بالرغم من قول المخلص: “هذا هو جسدي وهذه الكأس هي دمي”[4].

19- السلطات المدنية

نؤمن انها إرادة الله ان يحكم العالم بواسطة القوانين والحكام لكي يكبح جماح شهواته المختلة. وقد أسس الله ممالك وجمهوريات وأنواع من الامارات بعضها وراثي وبعضها غير ذلك، وزودها بكل ما يتصل بالحكم العادل، وهو يريد ان يعتبر موجدها، وقد وضع السيف في أيدي الحكام لقمع التعديات على وصايا العشر. فلأجل ذلك يتوجب علينا الا نكتفي بالخضوع لهم كرؤساء بل ان نكرمهم ونجلهم على اعتبار أنهم يقومون مقام الله وينوبون عنه.

 

20- طاعة السلطات المدنية

نعتبره واجبا علينا إذن، ان نطيع شرائعهم وقوانينهم ونؤدي الرسوم والضرائب والمستحقات الأخرى، ونحتمل نير الخضوع بارادة حسنة حرة، حتى ولو كانوا من غير المؤمنين شرط ان لا تُمس سيادة الله. لذا نمقت كل الذين يرفضون السلطة لتأسيس جماعة تكون فيها الملكية فوضوية ويطاح فيها بنظام العدالة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى